الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش

المخرج بارك شان ووك..مغامرة فنية في قلب الأعماق المعتمة للإنسان
لم يتأخر المخرج والسيناريست الكوري الجنوبي بارك شان ووك عن العودة سريعا الى مراكش، من أجل تذوق لذة اعتراف دولي من مكان بعيد عن موطنه، وتقاسم عشق السينما وأسرارها مع شباب ومهنيين لم يعد يخفى عليهم سحر الأعمال التي يقدمها هذا الفنان الذي طور لغة بصرية مدهشة.
بعد مشاركته كعضو لجنة تحكيم في الدورة 13 للمهرجان، الى جانب المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، يحضر بارك شان ووك في الدورة 15 على واجهتين. فهو أحد مكرمي التظاهرة الى جانب نجوم من قارات مختلفة، وهو أيضا أحد صناع لحظة الماستر كلاس المتميزة التي تصنع فضاء اللقاء بين الباحث عن سر السينما وصانعها.
صاحب أعمال متميزة كثيرة، لكنه في الطريق الى مراكش، تسبقه تلك الصدمة الجمالية التي اختزلها فيلمه المتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان كان عام 2004 (الولد العجوز) "أولد بوي". إنه العمل الذي تضافرت فيه بهارات سينما بارك شان ووك، الخبير في ارتياد العوالم السوداء ومزج التشويق السردي بالأسئلة الوجودية الأكثر عمقا.
عشاق السينما مدينون لجائزة كان التي تسلمها من يد كانتان طارانتينو، إذ فتحت أعين عشاق السينما العالمية على هذا الرجل الذي كان حينئذ في بداية عقده الرابع، يوقع علامة عبقرية إبداعية أصيلة، تغني تفرد السينما الكورية الجنوبية وتكرس وضعها كمدرسة كبيرة في المشهد الآسيوي.
وبالفعل، جذب الموهوب الكوري انتباه هوليود في 2013، حيث وضع فيه منتج من طراز خاص، ليس سوى المخرج الكبير ريدلي سكوت، ثقته فيه لإخراج فيلم "ستوكر" الذي ضمت قائمة نجومه النجمة نيكول كيدمان. ولعل هوليود راهنت من خلال اختيار شان ووك بارك على تفرده في صناعة فيلم طافح بالإثارة.
بارع في خلق الوضعيات الدرامية المفجرة للمشاعر القوية، المتناقضة أحيانا، بين تعاطف مع الشخصيات وحنق عليها، في حياكة المتاهات التي تنغلق على الشخوص، ويظل متحكما في خيوطها ومداخلها بتمكن وحرفية. لكنه أيضا مجدد في الشكل البصري، بدينامية ملفتة على مستوى الصورة والإيقاع الذي يشد الأنفاس، وتأثيث الفضاء المشهدي.
بذلك، شكل تكريم بارك شان ووك، أمس الأربعاء، لحظة احتفاء بحيوية السينما الكورية الجنوبية وخصوبة إنتاجها وتميز مواهبها، هي التي حضرت بقوة من خلال أعمال شاركت في المسابقة الرسمية للمهرجان خلال الدورات السابقة.
بارك شان ووك يستغرق وقتا طويلا في التحضير، وخاصة مع لوحات الشرح والتوضيح. عن أسرار مطبخه الفني الداخلي، يقول المخرج الكوري الجنوبي "أسلوبي البصري تتولد عنه حركات خاصة للكاميرا. أقوم بالتصوير والإخراج في ذهني مسبقا. أنا لا أرتاح في عملية التصوير التقليدية التي تنطوي على تصوير لقطات طويلة رئيسية. هذا النهج من العمل لا يناسبني...". أما عن اقتضاب الحوار واحتجابه خلف الدهشة البصرية، فيقول بارك شان ووك "إن الأفلام التي صورتها لا تتمحور حول الحوارات. أشعر براحة أكثر في التعبير والسرد البصريين".
يذكر أن مسار التألق لدى المخرج الذي رأى النور عام 1963، حصيلة شغف استثنائي مبكر بسحر السينما، صقله بنشاطه داخل ناد سينمائي كان له بمثابة المدرسة متعددة التخصصات. وجاءت دراسة الفلسفة لتمنح ذلك الشاب المرجعية الفكرية التي خولته التغلغل في دهاليز الكائن الانساني والطوابق السفلى للمجتمع.
ويعترف السينمائي الكوري الجنوبي أن سحر مهنة المخرج استبد به منذ مشاهدته لرائعة ألفريد هيتشكوك " عرق بارد" (1953). لعله كان معلما ألهمه آليات حبك القصص المشوقة والأوضاع الغامضة ورسم المشاعر الملتبسة.
في مسار بارك تشان ووك محطات نوعية بدأت أساسا بفيلم "القمر هو حلم الشمس" (1992)، و "منطقة أمنية مشتركة" (2000) و"عطش" (2009) وغيرها.
عباس كيروستامي يتقاسم عوالمه الإبداعية مع عشاق فن سينمائي أصيل
احتشد جمع من عشاق السينما والمهنيين والنقاد والفنانين مساء يوم الأربعاء بقصر المؤتمرات بمراكش للاستمتاع بالرؤى والعوالم الإبداعية لأحد كبار صناع الفن السابع في العالم، المخرج الإيراني عباس كيروستامي.
وجاء اللقاء، الذي يندرج في إطار سلسلة دروس السينما (الماستر كلاس) التي سنها كتقليد مهرجان مراكش منذ 2004، حافلا باستعارات جميلة تكشف البعد الشاعري في شخصية المخرج، واستعادة لمحطات فارقة في مساره الحافل، وتفاعل حي مع جمهور عاشق لروائعه، على إيقاع تضبطه مشاهد مختارة من أبرز أفلامه.
يذكر أن كيروستامي كان قد حل ضيفا على مهرجان مراكش عام 2005 حيث تم تقديم كامل أعماله ، قبل أن يعود عام 2009 رئيسا للجنة تحكيم الدورة التاسعة.
يحكي عباس كيروستامي، عن قصته مع حلم الإخراج السينمائي، ودور الصدفة في تحقيقه، بعد تجارب مهنية وفنية مختلفة. يتوقف عند انشغاله الدائم بالطفولة في عوالمه الحميمية. يتناول سؤال حضور الشعر في تشكيل صورته السينمائية، ذلك الحضور الذي يقر كيروستامي أنه عاجز عن تفسيره أو برمجته.
يقول عباس كيروستامي إنه ينكب على كل فيلم باستقلالية عن باقي الأعمال، حتى وإن وجد الجمهور أو النقاد أن ثمة عناصر متشابهة تميز مجمل أفلامه. هو منشغل بطرق آفاق جديدة لا بتكرار نفسه. يبدي رفضه التقوقع في هوية جزئية لأن ملعبه وأفق تفكيره هو العالم والإنسان حيثما كان. وهو من هذا المنطلق يؤمن أن السينما فن موحد للبشر.
وهو في قمة الاعتراف الكوني بعبقريته، لا يحبذ مخرج "طعم الكرز" إعطاء نصائح للمخرجين الشباب. فقط يوصيهم بالمراقبة الدقيقة للحياة من حولهم.
ولد عباس كياروستامي في إيران سنة 1940 ، تابع دراساته الفنية في جامعة طهران وكان في نفس الوقت يقوم بإخراج جينيريهات بعض الأفلام الروائية والإعلانات الإشهارية. في عام 1969 أسس بإيران شعبة السينما بمعهد التنمية الثقافية للأطفال والشباب.
في عام 1974 وقع عباس كيورستامي أول فيلم طويل له، "المسافر"، والذي تناول واحدة من موضوعاته المفضلة " الطفولة"، ثم أخرج "التقرير" عام 1977 والفيلم الوثائقي "تلاميذ القسم التحضيري" عام 1984 ثم فيلم " أين هو منزل صديقي¿" عام 1987 ثم "وتستمر الحياة" (1992 ).
توج كيروستامي عن فيلم "طعم الكرز" (1996) ، بالسعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1997 . وفي نفس السنة منحته اليونسكو ميدالية فيليني. وبعد ذلك بعامين، نال فيلمه السابع، "ستحملنا الريح" الجائزة الكبرى الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان البندقية.
تكريم بارك شان ووك في مراكش .. مخرج كوري جنوبي بقيمة إبداعية عالمية
احتفت الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء اليوم الأربعاء، بالمخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك، الذي يعد أحد أركان الصناعة السينمائية على الصعيدين الآسيوي والعالمي.
وعاد بارك شان ووك إلى مراكش على منصة التكريم، تقديرا لسلسلة من الأعمال السينمائية القوية التي اكتست طابع العالمية، بعد أن شارك كعضو لجنة تحكيم في الدورة 13 للمهرجان، تحت رئاسة المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي.
وفي شهادتها حول مسار المحتفى به، اعتبرت نجمة السينما المستقلة بالهند، ريشا سادا، أن تكريم هذا السينمائي اعتراف بأسلوب إخراجي مدهش بصريا، واحتفاء برؤية تراهن على كشف الطبيعة العميقة للكائن البشري.
وأضافت ريشا سادا، وهي عضو في لجنة تحكيم الدورة 15 التي يرأسها المخرج فرنسيس فورد كوبولا، أن المهرجان محق في تكريم فنان يقدم روائع سينمائية "تحررنا داخليا".
من جهته، قال بارك شان ووك إن حياته تشبه حياة النساء في الماضي البعيد، "ما أن تضع مولودا حتى تنتظر مولودا آخر"، في إشارة إلى انشغاله المتواصل بالبحث عن أفكار أصيلة لمشاريع جديدة.
يذكر أن بارك شان ووك من مواليد 1963 في سيول، درس الفلسفة في جامعة سوكانك، حيث أسس النادي السينمائي "عصابة الفيلم"، كما اهتم عن كثب بنظرية السينما.
بعد تأليف وإخراج فيلمين لم يكتب لهما النجاح المنشود، حطم فيلمه الروائي الطويل "المنطقة الأمنية المشتركة" كل الأرقام القياسية المتعلقة بشباك التذاكر في كوريا الجنوبية سنة 2000، كما شارك في العديد من المهرجانات الدولية، منها مهرجان برلين ومهرجان الفيلم الآسيوي بدوفيل، حيث حصل على الجائزة الكبرى سنة 2001.
وفي 2004، فاز بفيلمه "الفتى العجوز" بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي 2004. كما حصد فيلم "انتقام سيدة"، على جائزة أسد المستقبل وجائزة الابتكار في مهرجان البندقية سنة 2005. وعاد للتويج بجائزة لجنة تحكيم مهرجان كان عام 2009 بفيلمه "عطش".
ينظر إلى أعمال هذا المخرج الفذ على أنها ذات وتيرة مكثفة تجمع بين غنائية بصرية وشظايا عنف صادم وقوة عاطفية. وقد بات المخرج معروفا في جميع أنحاء العالم برؤيته الذكية لقسوة الإنسان والتدمير والانتقام، وبأسلوبه البصري المشرق.
يذكر أن سلسلة الفعاليات التكريمية لنجوم السينما في إطار التظاهرة ستختتم بعد غد الجمعة بتكريم النجم الأمريكي ويليام دافوي.
فيلم "الجبل البكر": المظهر الخارجي ليس عائقا أمام العطاء والاقبال على الحياة
يناقش فيلم "الجبل البكر" للمخرج داكور كاري، أهمية الجمال الداخلي للإنسان الذي يكمن في روحه وعمقه الأخلاقي، لا في مظهره الخارجي.
يحكي الفيلم الذي يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشر، وهو إنتاج مشترك بين إيسلندا والدنمارك، قصة رجل بدين يدعى فوسي، يعيش حياة رتيبة في شقة صغيرة رفقة والدته.
يعمل فوسي موظفا بسيطا في مطار بإحدى مدن أيسلندا، ويعاني من وزنه الزائد وشكله الذي يفتقر إلى الجاذبية، غير أنه داخل هذا الشكل يسكن قلب طيب مستعد لفعل أي شيء في سبيل إسعاد الآخرين وإرضائهم ولو على حساب نفسه.
وقد حاول المخرج داكور كاري في هذا العمل الفني، إبراز جاذبية من نوع آخر موجودة في شخصية فوسي، من خلال علاقته الطيبة بوالدته التي تعمل مصففة شعر، وصديقها الذي يحاول مساعدته بواسطة دروس في الرقص. وأيضا من خلال نساء أخريات سيتعرف عليهن مع توالي أحداث الفيلم.
لم يدرك فوسي في البداية، أن دروس الرقص التي كان يكرهها ستغير مجرى حياته، حيث ستظهر في حياته التي كانت تفتقد للمرح فتاة تدعى شون.
تبدأ علاقة الصداقة بين فوسي وشون بالتدريج، فيقبل على دروس الرقص، ثم يحرص على القيام بأي شيء من شأنه إسعادها، مكتشفا عن طريق هذه العلاقة الكثير من الصفات التي لم يعلم أنها موجودة في داخله من قبل.
ظهر نبل فوسيه وتقبله للآخر بما فيه من عيوب، في الكثير من المواقف الدرامية، من بينها تحمله لطريقة تعامل زملائه في العمل معه، وتقبله لمحاولات مضايقتهم له طوال الوقت، وتجنب البوح بآلامه وتسامحه اللامحدود، حتى مع الفتاة التي ستتخلى عنه رغم كل ما قدمه لها من مساعدة ودعم.
يرسم المخرج دائرة أخرى لتجسيد الروح الطيبة لفوسي، وذلك عبر بناء علاقة جميلة مع الطفلة التي تسكن الجوار.
لقد نجح مخرج هذا العمل الفني في استغلال كافة التفاصيل لخدمة فكرته الرئيسية في الفيلم، مستندا على أداء مميز لبطل الفيلم وموسيقي تصويرية بالغة الإيحاء، وأيضا من خلال الإيقاع الهادئ للفيلم الذي أدخل المشاهد لعالم "فوسي".
قام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من كونار جونسون وإلمور كريستياندتير وسيكوريونكيارتانسن وماركيت هيلكا جوهاندوتير وفارنويسكا أونا داكسدوتير وأرنار جونسون وثورير سامندسن.
فيلم "باباي" لفيزار مورينا ... حين يخيم الخوف من الفقدان على علاقة الابن بالأب
يحكي فيلم "باباي" للمخرج فيزار مورينا، قصة تمزق عائلي يعانيه طفل وجد نفسه بين أبوين منفصلين سيواجه اختبارات عسيرة، خاصة بعد أن يتخلى والده عنه في مغامرة هجرته السرية من كوسوفو الى ألمانيا.
حول العلاقة بين الأب والإبن، تدور أحداث هذا الفيلم الذي يشارك إلى جانب أفلام أخرى من دول مختلفة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشر.
ينقل الفيلم وهو إنتاج مشترك بين كل من ألمانيا وكوسوفو ومقدونيا وفرنسا، المشاهد إلى قلب كوسوفو، ليروي قصة نوري البالغ من العمر عشر سنوات، والذي يكسب قوت يومه ببيع السجائر رفقة والده جيزيم المنفصل عن والدته، بعد أن قرر أن يدير ظهره بشكل نهائي لحياته الماضية.
يعتزم جيزيم مغادرة البلاد وحيدا إلى ألمانيا دون أن يصحب معه ابنه، الذي يحاول بكل الوسائل منعه من ذلك خاصة وأنه شديد الارتباط به.
تتوالى أحداث الفيلم ويتعرض نوري لحادثة سير، غير أنه وبعد مغادرته المستشفى سيدرك أن والده قد رحل، متخليا عنه رغم قساوة الظروف التي يعيشها.
في حالة من الغضب الشديد، وعزم قوي على مجابهة جيزيم بقرار تخليه عنه، يخوض نوري غمار رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن والد تركه وحيدا لمواجهة مصير مجهول.
يأسر هذا العمل الفني المشاهد منذ اللحظات الأولى التي تأخذه إلى عوالم ذلك الصبي الصغير الذي يريد أن يقوم بأي شيء من أجل استعادة والد قرر فجأة التخلي عنه مقابل الهجرة إلى بلد آخر.
فيلم يختزل مميزات الطفولة البريئة، بالذات علاقة الأب بالإبن، وهي علاقة ثرية بالمضامين حيث يبقى الأب هو النموذج والمثل.
وصرح مخرج الفيلم فيزار مورينا، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه حاول أساسا التركيز على حالة فقدان الثقة التي قد تصل اليها علاقة الابن بالأب الذي يحبه، فالعديد من المشاهد تجسد حالة الرهاب والخوف من الفقدان، التي تصيب الطفل كلما اكتشف أن أباه غير موجود بقربه.
وعبر، من جهة أخرى، عن سعادته بعرض فيلمه الطويل الأول بمهرجان كبير أمام لجنة تحكيم تضم شخصيات سينمائية رفيعة.
يمكن القول بأن الفيلم ينتمي إلى تلك النوعية القليلة من الأفلام التي تظل عالقة في ذهن المشاهد.
هذا الفيلم يتميز بسيناريو مكتوب بأسلوب سينمائي يشد الأنفاس، ساعة ونصف يقضيها المشاهد مع كتابة سينمائية وحوار موظف بحرفية وبراعة.
كما أن قوة العمل تكمن في إخراجه الذي أعطى كل شخصية من شخصيات الفيلم حقها، فضلا عن استمرار شعلة التشويق التي تبقي المشاهد في حالة من التحفز لما سيأتي.
قام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من فال مالو كو وأستريت كاباشي وأدريانا ماتوشي وإنفير باتروفسي وكزيفديت جاشاري وألبان أوكاج.
"فيلم كثير كبير" يعكس قوة توظيف الصورة في المشهد اللبناني
قال مخرج "فيلم كثير كبير" اللبناني مير جان بوشعيا إن هذا العمل الذي عرض يوم الثلاثاء في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يعكس قوة توظيف الصورة في المشهد اللبناني الداخلي.
وأوضح بوشعيا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن قوة الصورة وتوظيفها بشكل ماكر في صلب موضوع الفيلم الذي حظي بترحيب حار من قبل جمهور قصر المؤتمرات الذي يحتضن عروض المسابقة.
إنها فكرة تتبلور حين يقرر زياد، الشاب الذي يتجار في المخدرات، إنتاج فيلم مزيف للحصول على ترخيص يمكنه من تصدير أسطوانات أفلام يخبئ فيها المخدرات المهربة، دون الخضوع لتفتيش في المطار، فتصبح السينما داخل الفيلم منظارا للإطلالة على الواقع السياسي والاجتماعي اللبناني بسخرية لاذعة.
وهكذا يتطور مجرى السرد في الفيلم، حسب المخرج، مع "الاكتشاف الشخصي للسينما" و"ما ستغيره السينما في حياة الشخصيات حينما تصبح جزءا من حياتهم". يتعلق الأمر بإظهار الى أي حد يمكنهم الذهاب بعيدا حين يكتشفون قوة السينما.
وأعرب مير جان بوشعيا الذي يقدم فيلمه الطويل الأول عن سعادته بالمشاركة في مهرجان مراكش ذي الصيت العالمي، والتي اعتبرها مكسبا في حد ذاتها، بغض النظر عن تتويجه من عدمه. وقال "نحن سعداء بالتواجد في مراكش والمشاركة في المسابقة أمام لجنة تحكيم من هذا المستوى برئاسة المخرج فرنسيس فورد كوبولا".
ويعد فيلم "كثير كبير" لمير جان بوشعيا وهو إنتاج مشترك بين لبنان وقطر، نقطة تحول مهمة في السينما اللبنانية من حيث معالجة قضايا اجتماعية وسياسية بأسلوب سينمائي متميز.
هذا العمل الفني بدأ كمشروع تخرج جامعي للمخرج مير جان بوشعيا، وتحول لاحقا إلى هذا الفيلم الروائي الطويل الذي عرض في أهم المهرجانات العربية والدولية.
وقام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من آلان سعادة وفؤاد يامين وطارق يعقوب وألكسندر قهوجي ووسام فارس وجورج حايك وفادي أبي سمرة وتميز بمشاركة الإعلامي مارسيل غانم لأول مرة في فيلم سينمائي.
يذكر أن مير جان بوشعيا من مواليد سنة 1989 ببيروت. تخرج من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة سنة 2012. بدأ حياته المهنية سنة 2008 بأول فيديو خصصه لضحايا الجيش اللبناني. كتب وأخرج وقام بمونتاج ثمانية أفلام قصيرة.
فيلم "ثور النيون": في قلب الحياة الاجتماعية بالضيعات الفلاحية في قرى البرازيل
ينقل فيلم "ثور النيون" للمخرج كابرييل ماسكارو، المشاهد إلى أجواء الحياة الاجتماعية داخل الضيعات الفلاحية في قرى البرازيل، وخصوصا كواليس حياة القائمين على رياضة ترويض الأحصنة التي تشكل مصدر تسلية وترفيه للعديد من الأشخاص.
يتحدث الفيلم عن عالم "الفاكويرادا" ، هذه الرياضة التنافسية التي تعد نوعا من أنواع الروديو التي نشأت من ممارسات الأعمال المتعلقة برعي الماشية، وتختص بها منطقة شمال شرق البرازيل.
يسلط هذا العمل الفني، وهو إنتاج مشترك بين البرازيل والأوروغواي وهولاندا، الضوء على هذا العالم، الذي يسعى فيه المتبارون إلى إظهار مهاراتهم الفنية في ركوب الأحصنة في منافسات مثيرة، تثير حماس المحبين لهذا النوع من الرياضة.
غير أن وراء حلبات هذه اللعبة، أشخاص قائمون عليها، فمهمة الإشراف عليها تتطلب جهدا بدنيا كبيرا وهذه المهمة الشاقة هي التي أسندت لبطل الفيلم إيرمار، الذي يتولى كذلك مسؤولية العناية بالثيران المستخدمة في العرض.
يتخذ إيرمار من الشاحنة التي تقل الثيران مسكنه رفقة كل من زي، الذي يتولى هو الآخر رعاية الثيران، والراقصة كاليكا وابنتها.
وبعيدا عن هذه الرياضة الشعبية وأجوائها ، فإن هذه المنطقة من البرازيل التي تدور حولها مجريات القصة، تعرف ازدهارا وتطورا كبيرا في صناعة الغزل والنسيج ، الشيء الذي سيحفز إيرمار على الحلم بحياة موازية بعيدة عن الفاكويرادا.
وهذا ما يظهر في أحد المشاهد عندما يكون مستلقيا على أرجوحة في الجزء الخلفي من الشاحنة، حيث يحلم بعالم أفضل وسط الأقمشة الرائعة، وأنه بصدد تصميم أحدث إبداعاته.
نجح المخرج كابرييل ماسكارو في هذا العمل الفني، في تقديم عمل فني رصد تفاصيل حياتية صغيرة في حياة أناس بسطاء، غارقين في يوميات روتينية لكنهم يحملون أحلامهم الصغيرة.
هو فيلم يظهر أبطاله حقيقيون جدا، لا يهتم كثيرا بالتقنيات المتطورة في التصوير، بل تغلب عليه البساطة والواقعية.
ورغم تركيز المخرج على الشخصية المحورية للفيلم، إلا أنه اهتم ووظف بشكل جيد الشخصيات الثانوية وجعلها ببساطة بنائها وتقديمها تظهر وتؤثر بكل واقعية وسلاسة في صنع بانوراما لحياة مفرطة في واقعيتها.
هذا الفيلم يعكس جوانب من ثقافة مناطق في البرازيل وهو متميز ككثير من أفلام سينما أمريكا الجنوبية، التي تمسكت بأصالتها ولم تحاول أن تكون تقليدا لثقافات أخرى، إيمانا من عدد من المخرجين بهذه البلدان بأن الأفلام المغرقة في محليتها مغرقة في الجمال في عيني العالم.
قام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من اري وألين سانتانا وكارلوس بيسوا ومايفي جينكينكس وفينيسيوس دي أوليفيرا وجوزينالدو ألفيس وساميا دي لا فور.
يشار إلى أن المخرج كابرييل ماسكارو، ولد بمدينة ريسيفي البرازيلية سنة 1983. شارك أول أفلامه الروائية الطويلة "رياح أغسطس" في المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو سنة 2014 حيث حظي بتنويه خاص، ثم بالعديد من الجوائز في عدة مهرجانات دولية.
عرضت أفلامه الوثائقية وأعمال الفيديو التي وقع عليها في العديد من المهرجانات والتظاهرات الفنية الكبرى بكل من روتردام، وأمستردام، وفي معهد السينما بلندن، ومتحف الفن المعاصر في برشلونة، وأسبوعي الفيلم الوثائقي موما وبينالي ساو باولو.
المخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك: نقد شرس للفيلم أفضل من تجاهله
قال المخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك، الذي نشط درسا سينمائيا، مساء يوم الثلاثاء في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إنه يفضل نقدا ولو شرسا للفيلم على تجاهل يلقي به في دائرة النسيان.
متوجها بنصيحة للمواهب السينمائية الواعدة التي قد تزعجها مواقف نقدية مثبطة للعزائم، قال هذا العلم السينمائي الكبير الذي حصد اعترافا عالميا بموهبته، إن النقد وإن كان قاسيا فإنه على الأقل يفتح النقاش حول العمل ويخلق جسرا مع الجمهور، فلا يسقط الفيلم في دائرة النسيان والتجاهل.
وكشف بارك شان ووك الذي استعاد بدون مركب نقص إخفاقا صادف فيلميه الأوليين، أنه لم يكن يملك هذا الحظ في بداياته، فكان حبه للسينما وحده ما منعه من التوقف والانصراف الى شيء آخر.
ومن هذه التجربة العسيرة، خرج بدرس حول ما ينبغي تجنبه من عثرات الطريق، مما مكنه من القطع مع الفشل وتوقيع روائع حصدت جوائز في أرفع المحافل، وخصوصا بمهرجان كان الذي توج بجائزته الكبرى عام 2004، وجائزة لجنة التحكيم عام 2009.
وقال في سياق الحديث عن عوالم صناعة الأفلام لديه، إنه تعلم كيف يتواصل مع الممثلين، ويحرص على التفاعل معهم قبل تصوير المشاهد، خصوصا في مرحلة ما قبل الانتاج، في سياق التحضير الجيد لعمل فني ناجح.
وبالنسبة الى المخرج الذي اعتاد إدارة طواقم تمثيلية رفيعة المستوى على غرار النجمة نيكول كيدمان، فإن اللغة ليست حاجزا بالنسبة للسينما التي تظل لغة عالمية.
ويشير بارك شان ووك الى تيمة تحضر بقوة في أعماله التي تشتغل على فظاعات وتعقد العلاقات الانسانية. يتعلق الامر بفكرة الانتقام التي يعتبرها من سمات الطبيعة البشرية. هي طريقته في توثيق ما يعتبره "غباء الانسان".
ويشكل بارك شان ووك لوحده تعبيرا عن الدينامية الخلاقة وروح الإبداع التي تتسم بها السينما الكورية الجنوبية.
وتختتم فقرة الماستر كلاس التي تجتذب العديد من عشاق السينما الراغبين في التعرف على عوالم صناعة الأفلام لدى مخرجين كبار، بلقاء ينشطه اليوم الاربعاء المخرج الإيراني الكبير عباس كيروستامي.
فيلم "لا إيسلا" لأحمد بولان يستعيد أزمة جزيرة ليلى في قالب كوميدي
يستعيد المخرج أحمد بولان في فيلمه الجديد "لا إيسلا" (أو جزيرة ليلى) قصة أزمة جزيرة ليلى التي نشبت بين المغرب وإسبانيا حول صخرة في البحر الأبيض المتوسط.
وتم عرض الفيلم مساء يوم الثلاثاء في إطار فقرة "خفقة قلب" الموازية للمسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بحضور مخرج العمل وطاقمه.
ومع أن الفيلم يعتمد على المصادر التوثيقية الجدية في تجسيد أطوار تلك الأزمة التي عكرت صفو العلاقات بين البلدين الجارين، إلا أن بولان فضل تقديم هذا الملف الحساس في قالب كوميدي بلمسة إنسانية.
هي قصة "إبراهيم"، الذي يشخصه الكوميدي عبد الله فركوس، عنصر من القوات المساعدة ، يتم إرساله إلى جزيرة خالية في البحر الأبيض المتوسط من أجل تأدية مهمة المراقبة تجاه عمليات التهريب والهجرة السرية. غير أن الجزيرة التي لا تبعد عن الساحل المغربي سوى بمائتي متر تصبح موضوع حملة عسكرية إسبانية من أجل هدف أقرب الى محاربة طواحين الهواء: طرد الجندي المغربي الوحيد على الصخرة.
رسالة السلام والإنسانية واضحة في العلاقة الأخوية التي ستربط ابراهيم مع المهاجر السري الافريقي الذي أصبح رفيقه في الجزيرة، كما تبدو بمثابة خلاصة تفضي اليها مرحلة التوتر الذي شارف على الانفجار بين المغرب واسبانيا، مفادها أن البلدين مدعوان إلى الحفاظ على علاقات تاريخية عريقة تخدم مصلحة الجانبين.
ويعيد فيلم "لا إيسلا" أحمد بولان الى الوقوف خلف الكاميرا، منذ فيلمه "عودة الابن" سنة 2011.
وهو من مواليد سنة 1956 بمدينة سلا. وقد كان ما بين 1974 و 1979 عضوا في الفرقة الوطنية لفن المسرح بالإذاعة والتلفزة المغربية ومسرح محمد الخامس بالرباط.
سافر ما بين سنتي 1979 و1980 إلى إيطاليا لدراسة السينما، وأصبح عضوا في فرقة تياترو لبوراتوريو مالينسي. ومنذ سنة 1981 عمل بمختلف مهن التصوير السينمائي والإشهار، كممثل، ومخرج مساعد، ومدير كاستينغ لحوالي 50 فيلما دوليا، ثم كمخرج ومنتج.
ومن أهم أعمال أحمد بولان "علي ربيعة والآخرون" (2001)، "أنا، أمي وبثينة" (2013)، " ملائكة الشيطان" (2007).
والفيلم إنتاج مشترك بين أحمد بولان وأنطونيو ب. بيريز. وكتب السيناريو بولان وكارلوس دومينغز.
تكريم كمال الدرقاوي .. احتفاء بإسهام التصوير السينمائي في نهضة الفن السابع المغربي
حظي مدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، مساء يوم الثلاثاء، بتكريم خاص في إطار فعاليات الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
ويعد هذا التكريم بمثابة اعتراف بإسهام فن التصوير السينمائي في دعم نهضة الفن السابع بالمملكة، وبالدور الذي يضطلع به مدير التصوير المحترف ضمن منظومة العناصر الفنية الضامنة لنجاح المشروع السينمائي.
ويبدو اختيار كمال الدرقاوي ليكون ضمن الأسماء المكرمة في الدورة مستحقا بالنظر إلى التجربة المتميزة والغنية لهذا الفنان الذي أثرى بعدسته الساحرة المشهد السينمائي المغربي وكرس القيمة المهنية والفنية للتقنيين المغاربة.
ولا أدل على ذلك من حضور اسم كمال الدرقاوي في جينيريك مجموعة كبيرة من أبرز الأفلام المغربية، ابتداء من التسعينيات قبل أن يصنع لاسمه مكانا في الحقل السينمائي الكندي، من خلال مساهمته في عدد من الأعمال الدولية المتميزة.
وقدم المخرج سعد الشرايبي المحتفى به كفنان حساس وصارم بدت مواهبه مبكرا، وجاءت الجوائز الكثيرة التي حصل عليها لتعكس تمكن وحرفية الدرقاوي من فن الصورة السينمائية.
وقال الشرايبي إن المغرب كان يستورد مدراء التصوير من الخارج، واليوم ها هو فنان مغربي يساهم في صناعة صورة الأفلام الاجنبية.
واعتبر أن كمال الدرقاوي حامل إرث عائلي غني يجسده والده المخرج المغربي مصطفى الدرقاوي وعمه مدير التصوير عبد الكريم الدرقاوي.
من جهته، عبر مدير التصوير المحتفى به عن تأثره بهذه الالتفاتة قائلا "إن ما أقوم به ليس مهنة، إنها شغف مثير لكنه مكلف يتطلب الكثير من الجهد والالتزام".
يذكر أن كمال الدرقاوي، الذي ولد في مدينة "لودز" ببولندا، درس السينما في المدرسة الوطنية العليا في عام 1988، والتحق بالمعهد الوطني للسينما بروسيا، وتخصص في دراسة الصورة وإدارة التصوير. ويدين كمال بفضل كبير في نضج موهبته لأستاذه فاديم يوسوف، مدير التصوير الشهير الذي اشتغل طويلا مع المخرج العالمي أندري تاركوفسكي.
وفاز الدرقاوي بالعديد من الجوائز منها : جائزة أفضل تصوير في المهرجان الدولي للفيلم بالدار البيضاء "المغرب" الذي نظم عام 1998 عن فيلم "نساء ونساء"، وجائزة أفضل تصوير في المهرجان المستقل للشاشة العربية بلندن عن فيلم "العرض الأخير" للمخرج نور الدين لخماري، وفي عام 2000 حصل على جائزة أفضل صورة من مهرجان إفريقيا الجنوبية عن فيلم "نساء ونساء"، وجائزة أفضل مساعدة تقنية في المهرجان الدولي للرباط بالمغرب عن فيلم "ضفائر" للجيلالي فرحاتي، وجائزة أفضل صورة في المهرجان السينمائي الدولي بمونريال عن فيلم "عطش" لسعد الشرايبي.
وكانت الدورة الخامسة عشر لمهرجان مراكش افتتحت بتكريم النجم الأمريكي بيل مواري، وأعقبه تكريم النجمة الهندية مادوري ديكسيت، بينما ينتظر أن تتواصل فعاليات التكريم بالاحتفاء بالمخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك ثم بالممثل الهوليودي الشهير ويليام دافوي.
الفيلم الكازاخستاني "الحاجز" يرصد معاناة الفقراء في مجتمع الفوارق
يعالج الفيلم الكازاخستاني "الحاجز"، للمخرج زاسولان بوشانوف، الذي يشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشر، مسألة الفوارق الاجتماعية في قالب فني متميز.
يحكي الفيلم قصة روان حارس الأمن الذي يعمل في منطقة سكنية بأحد الأحياء الراقية بمدينة ألماتي، وإيدار، إبن أحد الأثرياء فوالده يملك شركة للنفط، ويمر باستمرار أمام الحاجز الذي يحرسه روان.
روان وإيدار، شابان مفعمان بالطموح، لكنهما يعرفان جيدا أنه لا يمكنهما الاعتماد سوى على نفسيهما لتحقيق الهدف الوحيد الذي ينشدانه، وهو النجاح في حياتهما الاجتماعية.
وعلى الرغم من كونهما يعيشان في نفس المدينة، وفي نفس الحي ويلتقيان في نفس المكان، لكن لا شيء يبدو أنه يقرب بينهما. تماما كما يفصل ذلك الحاجز بين عالمين متباعدين، بين الغنى والفقر.
ينقل المخرج زاسولان بوشانوف في هذا الفيلم، صورة عن الفوارق الاجتماعية داخل المجتمع الكازخستاني بصورة مختلفة بعيدة عن الصورة النمطية المعتمدة في معالجة مثل هذه المواضيع ، وذلك من خلال عمل فني متميز، أعطى مساحة كبيرة لبطلي الفيلم للتعبير عن موهبتيهما.
إخراج زاسولان بوشانوف يقدم للمشاهد قصة الفيلم بشكل واقعي، كل شيء يبدو صادقا وبسيطا، مما يجعل الأحداث تتدفق بكل خفة وسلاسة، كما توفق بوشانوف ، من جهة أخرى ، في إدارته لممثليه ليستخرج منهم ما يضيف لجمالية هذا العمل الفني .
وقد استغل المخرج كل ثانية في هذا الفيلم ، الذي استغرقت مدة عرضه ساعة، لإغناء مشاهده بلحظات معبرة ومؤثرة ، خاصة في ما يتعلق بما يعانيه الفقراء من مشاكل وصعوبات في الحياة، كل هذا في انسجام تام بين جميع عناصر الفيلم وأحداثه.
هذا الفيلم الكازاخستاني كغيره من الأفلام التي تميز سينما هذا البلد التي تقدم سينما الواقع بامتياز. هذه السينما التي تهتم بعرض قصص لأناس عاديين، وتظهر أبطالها حقيقيين جدا. لا تهتم كثيرا بالتقنيات المتطورة في التصوير، بل تغلب عليها البساطة والواقعية.
قام بأداء الأدوار في هذا الفيلم كل من ييركيبولان دايروف وديدار كيدين وإيلينا شاكييفا وألداش شالباييف.
أمال عيوش: "فخورة" بتمثيل المغرب في لجنة تحكيم مهرجان مراكش
قالت الممثلة أمال عيوش إنها "فخورة" بتمثيل المغرب في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة للدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (4-12 دجنبر).
وأكدت في حوار لوكالة المغرب العربي للأنباء، "أنا فخورة ويشرفني جدا تمثيل المغرب وسينماه وأيضا المرأة المغربية الفنانة في لجنة تحكيم حدث هام من حجم مهرجان مراكش، التي يرأسها هذه السنة المخرج الأمريكي الكبير فرانسيس فورد كوبولا".
وأكدت الفنانة التي تأمل في أن تكون في مستوى المهمة الملقاة على عاتقها، أنها ستشاهد الأفلام بعين موضوعية، حيث سيرتكز اختيارها أولا على الجودة وتميز الرؤية السينمائية، موضحة بالمقابل أنها ستنجذب على الخصوص للفيلم الذي سيؤثر فيها بشكل أكبر.
واعتبرت أمال عيوش التي شاهدت مع باقي أعضاء لجنة التحكيم، الفيلم المغربي الطويل الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية، وهو "المتمردة" لجواد غالب (عرض يوم الأحد) ، أنه "مثير للاهتمام".
وبعيدا عن المسابقة الرسمية، أشارت الفنانة المغربية إلى الاهتمام الذي يوليه المهرجان وتشجيعه للإبداع الوطني، الحاضر في مختلف فقرات برمجة هذه السنة، حيث تمت برمجة أفلام خارج المسابقة الرسمية مع العرض ما قبل الأول ل"المسيرة الخضراء" ليوسف بريطل و"لا إيسلا" لأحمد بولان، وهو إنتاج مشترك مع إسبانيا ويعالج موضوعا أثار نقاشا سياسيا في البلدين الجارين، وأيضا برمجة الوصف السمعي فيلم "جوق العميين" لمحمد مفتكير.
وينضاف إلى ذلك مسابقة أفلام المدارس الخاصة بالأفلام القصيرة، المفتوحة على الخصوص أمام طلبة مدارس السينما المغربية، مع طموح اكتشاف سينمائيين شباب.
وشددت أمال عيوش على أنه من المهم أيضا بالنسبة للجمهور المغربي اقتناص الفرصة التي يوفرها المهرجان من خلال الانفتاح على سينما العالم لاكتشاف ثقافات ورؤى سينمائية مختلفة.
وبخصوص مشاريعها القادمة، كشفت أمال عيوش أن الجمهور المغربي سيكتشفها قريبا في دور جديد في الفيلم الأخير لهشام الجباري "دموع الشيطان".
وأوضحت أن الأمر يتعلق "بفيلم مرعب يرسم قصة انحدار إلى الجحيم" مضيفة أنها لا تخشى تجسيد أدوار مظلمة لاقتناعها بأن الممثل مدعو الى تجريب كل الأساليب.
وأقرت بأنها تتطلع إلى العمل تحت إدارة المخرج الفرنسي جون بيار جوني، شريكها في لجنة تحكيم الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
وعلى الصعيد الوطني، لا تخفي أمال عيوش رغبتها في العمل مع مخرجين متميزين من أمثال الجيلالي فرحاتي وأحمد المعنوني.
وحول الحضور النسائي في السينما المغربية، سجلت الممثلة المغربية وجود تطور ملحوظ. فثمة اليوم العديد من الممثلات ومخرجات بدرجة أقل على غرار الرائدة فريدة بليزيد ونرجس النجار من الجيل الجديد.
ومن أجل النهوض بالإنتاج الوطني، تشدد أمال عيوش على الحاجة إلى مدارس للتكوين السينمائي وقاعات عروض مناسبة، مبرزة أهمية تشجيع الشباب على التشبع بتربية سينمائية في مرحلة مبكرة.
يذكر أن أمال عيوش، من مواليد الدار البيضاء عام 1966. بدأت اكتشاف المسرح شبه الاحترافي بجامعة مونبولييه بفرنسا عام 1987، ولعبت أول أدوارها عام 1997 مع حسن بنجلون في فيلم "أصدقاء الأمس".
كما برزت أمال عيوش من خلال مشاركاتها في"علي زاوا" لنبيل عيوش ، و"ملائكة الشيطان" لأحمد بولان، و"مصير امرأة" لحكيم نوري.
"كثير كبير" .. بانوراما الوضع اللبناني الداخلي في قالب مشوق وساخر
يعد فيلم "كثير كبير" لميرجان بوشعيا وهو إنتاج مشترك بين لبنان وقطر، نقطة تحول مهمة في السينما اللبنانية من حيث معالجة قضايا اجتماعية وسياسية بأسلوب سينمائي متميز.
هذا العمل الفني الذي بدأ كمشروع تخرج جامعي للمخرج ميرجان بوشعيا، تحول لا حقا إلى هذا الفيلم الروائي الطويل الذي عرض في أهم المهرجانات العربية والدولية، ونجح في نقل جزء من الواقع اللبناني.
الفيلم الذي تبلغ مدته ساعة و47 دقيقة والذي عرض صباح اليوم في الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، نجح في إيصال الرسائل التي توجه بها إلى المشاهدين بطريقة ذكية وبسيطة، لا تخلو من السخرية التي عبرت بطريقة مقنعة جزئيا عن واقع المجتمع اللبناني من زوايا مختلفة.
يوحي الفيلم في بدايته بأنه فيلم حركة ولكن، تدريجيا يتغلف الموضوع الذي انطلق منه بإطار كوميدي تزداد وتيرته تدريجيا، فتتورط الشخصيات بمواقف مضحكة الواحد تلو الآخر، لكنها سخرية مشبعة بالنقد السياسي والاجتماعي.
يحكي الفيلم قصة ثلاثة أشقاء توفي والدهم وترك لهم فرنا حولوه إلى محل لبيع البيتزا، لكن أكبرهم وهو زياد، يستخدم علب البيتزا في توزيع المخدرات لحساب تاجر يدعى أبو علي، وأثناء مشاجرة مع شخص مسلح في بداية الفيلم يطلق زياد الرصاص فيقتله، لكن شقيقه الذي يصغره جاد يعترف بأنه هو الذي أطلق الرصاص دون قصد فيسجن بدلا من زياد.
يطلق سراح جاد بعد أن سجن خمس سنوات بسبب جريمة القتل التي ارتكبها شقيقه الأكبر زياد.
من جانبه زياد الذي صمم على تغيير حياته والتخلي عن الاتجار في المخدرات ليضمن مستقبلا آمنا لشقيقيه، يرى مخططاته تضيع هباء أمام إصرار مزوده أبو علي في الاستمرار بالاشتغال معه، فيجد نفسه مرغما على الانخراط في عملية كبيرة لتهريب المخدرات عبر الحدود اللبنانية السورية.
يعبر جاد عن رغبته في المشاركة في هذه العملية الأخيرة التي من المفترض أن تسمح للشقيقين بطي صفحة حياتهما الماضية نهائيا، وهو الأمر الذي لا يتفق عليه شقيقهم الثالث جو.
ينقل زياد لحساب أبو علي شحنة المخدرات إلى سوريا، ولكنه يكتشف أن أبو علي قد نصب له فخا وأنه سيفقد حياته بعد أن يكون قد أوصل الشحنة إلى من ينتظرونه على الجانب الآخر من الحدود.
يتمكن زياد من التخلص من الرجلين اللذين كانا في انتظاره في سوريا والفرار ثم العودة بالمخدرات إلى لبنان حيث يقوم بإخفائها داخل مخبأ سري في محل البيتزا.
يحاول زياد الاستفادة من الشحنة التي بحوزته وتهريبها من خلال خطة اكتشفها مصادفة عن طريق صديقه المخرج شربل الذي أعلمه أن اسطوانات الأفلام السينمائية لا تفتح أثناء عمليات التفتيش في المطار لأنها معرضة للتلف.
يعرض زياد على المخرج تمويل فيلمه كي يقوم في ما بعد بتهريب المخدرات إلى الخارج عبر الأسطوانات.
سيختار الأشقاء الثلاثة خوض هذه المغامرة الجديدة التي ستغير مجرى حياتهم إلى الأبد، وذلك في إطار يمزج بين الضحك والفكاهة والإثارة وبتقنية عالية تجسد واقعا حياتيا في قالب سينمائي متميز.
الفيلم الذي كتبه المخرج ميرجان بمشاركة بطل هذا العمل الفني ألان سعادة، لا يمكن تصنيفه في خانة واحدة لأنه يجمع بين الحركة والكوميديا والتشويق، ويتميز بإخراجه الرائع وتقنياته ومؤثراته التصويرية المنفذة بشكل مقنع.
إنه عمل يلامس مختلف جوانب الواقع اللبناني مثل المسألة الطائفية والفساد السياسي والاعلامي والمخدرات.
ورغم الارتباك الذي يعاني منه السيناريو والتداخل في ما بين المشاهد وعدم التحكم في انسيابيتها، يحسب للفيلم واقعيته وحواراته التلقائية الصادمة أحيانا والمواقف الطريفة والأداء الصادق للممثلين البعيد عن التصنع والتكلف.
قام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من آلان سعادة وفؤاد يامين وطارق يعقوب وألكسندر قهوجي ووسام فارس وجورج حايك وفادي أبي سمرة وتميز بمشاركة الإعلامي مارسيل غانم لأول مرة في فيلم سينمائي.
ولد ميرجان بوشعيا سنة 1989 ببيروت. تخرج من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة سنة 2012. بدأ حياته المهنية سنة 2008 بأول فيديو خصصه لضحايا الجيش اللبناني. كتب وأخرج وقام بمونتاج ثمانية أفلام قصيرة.
مهرجان مراكش محطة في المدار الذهبي للنجوم
منذ طفولة الحلم وصولا الى سنته الخامسة عشر، لا تتوقف شهية المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عن استقطاب ألمع الأسماء في عالم الفن السابع، جلهم يأتي، يكتشف، فيعود.
ذكاء وصرامة بالغان في اختيار أفلام المسابقة، عوالم فنية وإبداعية لكل الأذواق، مواعيد قارة لفائدة المواهب الشابة، انفتاح متواصل على مختلف التجارب السينمائية التي تصعد منصة التكريم. والى جانب ذلك كله، السينما هي أيضا نجوم وأسماء تصبح علامات مرجعية، فلم يكن لمهرجان مراكش أن يتنازل عن جعل دوراته المتعاقبة سجلا رفيعا محصورا على توقيع كبار صناع السينما عبر العالم.
وفي المقابل، لم يكن لهؤلاء الكبار أن يمروا سريعا على موعد وفضاء ومدينة من هذا الطراز. إنها شهادات القلب، محفوظة في الذاكرة، تلك التي أفضى بها ضيوف ومكرمون ومساهمون، تعميدا لبصمة خاصة وقعتها مراكش ومهرجانها في نفوسهم.
منذ بدايته، توقع أن التظاهرة ولدت لتبقى، لسبب بسيط "جودة الأفلام لا تضاهى"، يقول المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي، رئيس لجنة تحكيم الفيلم الطويل في دورة 2013. زكت شهادته النجمة الايطالية كلوديا كاردينالي التي وصفت المهرجان الذي كرمها بسخاء بأنه "أصبح رقما صعبا في الأجندة السينمائية الدولية".
هي مراكش "ترياق المتألمين" كما قال عنها عبقري السينما المصرية يوسف شاهين. تحت الغمامة السوداء للمرض الذي كان يقضم أيام يوسف، وجد أن دعوة المهرجان "تشعل بارقة ضوء" في حياته.
بتلقائية آسرة، وعلى أنغام كناوة، رقصت نجمة هوليود شارون ستون، قبل أن تسجل امتنانها للمغرب الذي كرمها "البلد الذي يتسم بالسلام والأمن"، في مهرجان رأت فيه حدثا "يجمع بين الثقافات والمواهب الخلاقة".
في الأرض التي تحتضن بعضا من جذورها العائلية، أعربت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش عن سعادتها وهي تحظى بتكريم المهرجان. بالنسبة اليها، كان قدومها الى مراكش عناقا مع الذاكرة، هي التي تنحدر من أب من مواليد تيزنيت، درس بمراكش وتعلم اللغة العربية قبل أن يتكلم باللغة الفرنسية، ومن جد، يرقد جثمانه بالمغرب أيضا.
عودة الى الذاكرة أيضا بالنسبة للسير شين كونري: " احتفظت دائما للمغرب بذكرى جميلة...لقد التقيت زوجتي ميشلين خلال قدومي لأول مرة الى هذا البلد عام 1970 للمشاركة في أسبوع الغولف بالمحمدية ..وهناك فزت بالجائزة الأولى...انبهرت بطيبوبة الناس وروح الكرم الأسطوري...كما صورت في المغرب واحدا من أهم أفلامي 'الرجل الذي أراد أن يصبح ملكا' "? يقول الممثل الاسكتلندي.
أما المخرج الإيراني الكبير عباس كيروستامي الذي يعود ليلقي درسا سينمائيا (ماستر كلاس) في الدورة 15 بعد أن كرم هنا عام 2005 فاعتبر التظاهرة "فرصة لتنويع وجهات النظر والمقاربات السينمائية وتوسيع إدراك السينمائيين للعالم".
كذلك يراه الممثل جيريمي آيرونز.. "فرصة للتعرف على عدد كبير من الثقافات المختلفة ، وفرصة كبيرة لمشاهدة أعمال جديدة ومتميزة لم أرها من قبل".
عن قصتها مع مراكش، تقول النجمة الفرنسية ماريون كوتيار، عضو لجنة تحكيم الدورة 13 : "أنا في مراكش، أشعر وكأنني بين أهلي. صورت فيلمين هنا. هذه لحظة ثمينة للسينما كما تدل على ذلك الأعداد الكبيرة من المواهب الحاضرة هذه السنة ".
مجنون السينما، مبدع البلقان، المخرج الصربي إمير كوستوريتشا، لبى الدعوة، وعاش أجواء المهرجان، بل مضى لاقتناص حكايات مغربية النكهة لتسطع على شاشته العبقرية. بالنسبة إليه: "مهرجان مراكش السينمائي هو أفضل مكان للاحتفال بالسينما وبعالم المبدعين. "
حين كان على رينزو روسيليني أن يبرر دواعي منح جائزة روبرتو روسيليني 2006 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قال الرجل إن "قرارنا هذا نابع من اعتقادنا الراسخ بأن المهرجان منفتح على جميع الثقافات دون تمييز أو حكم مسبق. إن لمهرجان مراكش كافة الإمكانات لكي يصبح مرجعا لكل الذين يسعون للسلام والإخاء والتسامح ".
المخرج فاتح أكين يفتتح سلسلة "الماستر كلاس" في مهرجان مراكش السينمائي
دشن المخرج الألماني من أصل تركي، فاتح أكين، مساء اليوم الاثنين، سلسلة دروس "الماستر كلاس" في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
وأمام حشد كبير من السينمائيين والمهنيين وضيوف المهرجان وطلبة مدارس السينما، فتح المخرج الشاب، الذي يعد ظاهرة فنية في السينما العالمية، نافذة على عوالمه الإبداعية، ومساراته واختياراته.
مرجعياته في السينما، أفلام أثرت في توجهاته، إدارته للممثلين، دور الموسيقى في أعماله، عناوين كبرى لامستها مداخلات فاتح أكين، وإن هيمن على اللقاء سؤال الهوية المزدوجة وكيفية تدبيره لانتمائه المزدوج الى حضارتين، تركية وألمانية.
وعرضت بالمناسبة مقاطع من أهم الأفلام التي أخرجها هذا الشاب الذي بات يحصد الجوائز تلو الأخرى في أقوى المهرجانات الدولية.
وتوقف المخرج طويلا عند فيلم "القطع" الذي يتناول فيه مسألة بالغة الحساسية في تركيا، ويتعلق الأمر بالمسألة الأرمينية والاتهامات الموجهة لتركيا بارتكاب أعمال إبادة في حق الأرمن. بالنسبة إليه، الفيلم عبارة عن "اعتراف بالذنب"، ودعوة من أجل حرية تعبير تخرق المحظورات في التاريخ.
يذكر أن نقطة التحول في مسار فاتح أكين جاءت مع فيلم "وجها لوجه" الذي حصل على الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2004، ليصبح الطفل المعجزة للسينما الألمانية المعاصرة.
وهو لا يخفي أنه مدين لتفتح وعيه السينمائي لمخرج كبير من عيار مارتن سكورسيزي "ليس لطريقته في التصوير فحسب، ولكن أيضا لطريقته في جعل السينما تتفهم وضعيته كمهاجر إيطالي في مدينة كبيرة (نيويورك)، الاصطدام بين العالم القديم والعالم الجديد".
تبدأ فيلموغرافيا فاتح أكين بفيلم قصير يعود الى عام 1995 بعنوان "أنت واحد" لتتوالى الأعمال مع "عشبة ضارة" (قصير)، "الترس"، "نسينا أن نعود" (وثائقي)، "عبور الجسر- صوت اسطنبول" ( وثائقي) و "على الجانب الآخر"، الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو بمهرجان كان 2007 ، و "روح المطبخ" ، الذي حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالبندقية 2009 ، وأعمال أخرى.
يذكر أن دروس الماستر كلاس تقليد راسخ في دورات مهرجان مراكش، يتيح الفرصة للجمهور والمهنيين من أجل تقاسم عوالم السينما الداخلية مع مخرجين كبار. وستتواصل هذه الدروس خلال الدورة مع المخرجين الإيراني عباس كيروستامي والكوري الجنوبي بارك شان ووك.
الفيلم الياباني "ذكريات عالقة".. تجسيد لجماليات سينما رائدة في فن الكتابة البصرية
يبدو الفيلم الياباني "ذكريات عالقة" للمخرجة كييكو تسوريوكا بمثابة تجسيد لجماليات سينما أرست منذ زمن طويل مقومات تميزها في مجال فن الكتابة السينمائية.
مسارات شخوص متشابكة وقصص متضافرة تتصاعد لتتقاطع في منعطفات معينة، إيقاع هادئ يعتني بالجماليات البصرية، حوارات مقتضبة وفضاءات موحية. تلك بعض العناصر التي تصنع متعة مشاهدة هذا الفيلم الذي يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
تقترح كييكو تسوريوكا فيلما عن الذاكرة بامتياز، عن شروخها التي تستبد بالإنسان فتدمي مسيره وتمنع عنه رؤية المستقبل وتجعله مشدودا الى الماضي. تتناول هذه الفكرة من خلال مسارين متماثلين لشابين يتوقان الى التحرر من عقدة فقدان قاسية.
طوكيكو، الفتاة الهشة الكيان، التي تجد صعوبة في ايجاد موطئ لها في حياة اجتماعية عادية بالمدينة، فتلوذ بمكان يجسد لها ذكرى غابرة بالقرية التي تنحدر منها، هو ذات المكان الذي يقصده الفتى يوهي، الذي يهجر فصول الدرس باحثا عن متنفس، يحيي فيه ذكراه التي لا يريد نسيانها.
هي الفتاة التي فقدت والدها في حادثة عند سفح الجبل، وهو الفتى الذي فقد صديقا بمثابة شقيق أكبر كان يرعى موهبته في الرسم. يلتقي مسارهما في طريق يقترحه السيناريو رمزا للبحث عن الذات، وتعقب كوة ضوء في آخر النفق. رمز هذا الضوء المفتوح على المستقبل، يتجسد في مشهد هارب لكنه بالغ الدلالة. إنه عينا القط البري اللامعتان في الظلام، والذي انطلقا معا في رحلة بحث عنه، كونه يشكل بالنسبة لهما أيقونة لماض يريدان مصالحته.
يبدو البعد النفسي والفلسفي واضحا في نص عميق صاحبته كاميرا ذكية وشديدة الحساسية. يتداخل زمن الفيلم ويتعاقب بين الواقع وكوابيس الماضي، ليصنع توترا داخليا وصراعا لدى البطلين بين الشعور بالفقدان والرغبة في استعادة لذة العيش من جديد.
الفيلم سليل تقاليد سينمائية عريقة مشهود لها بالتميز في أساليب التعبير البصري والرهان على صورة ناطقة تشكل ركنا أساسيا في السرد الفيلمي الذي لا يكتسي فيه الحوار سوى أهمية تكميلية. كما أن اختياره يكرس حضورا تقليديا للأفلام اليابانية في الدورات المتعاقبة لمهرجان مراكش.
يذكر أن المخرجة كييكو تسوريوكا من مواليد سنة 1988 في منطقة ناغانو (اليابان)، درست الإخراج في مدرسة السينما والإعلام بجامعة الفنون في طوكيو. يشكل "مدينة الحيتان" أول فيلم طويل لها (2012)، أعقبه فيلم "حبي الأول" في العام الموالي.
فضلا عن بعده السينمائي، مهرجان مراكش تظاهرة حاملة للقيم الكونية
أكدت مديرة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ميليتا توسكان دوبلاتيي ، أن الدورة الخامسة عشر للمهرجان المنظمة من 4 الى 12 دجنبر، تحمل قيما كونية تتجاوز البعد السينمائي.
وقالت توسكان في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن "هذه الدورة متميزة ومبنية على قيم التبادل والتضامن"، موضحة أنه بغض النظر عن الجانب السينمائي، فإن "المهرجان يواصل تعزيز القيم الكونية بشكل أكبر، خاصة في ظرفية شهدت تنامي أعمال العنف في جميع أنحاء العالم تقريبا".
وترى أن الرهان الحقيقي يتمثل في تقديم الصورة الحقيقية للعالم الإسلامي والحديث عنه بشكل مختلف عن الذي يتم تداوله منذ أسابيع في وسائل الاعلام على خلفية هذه الأحداث المأساوية.
وقالت إنه "من المهم الكشف عن هذه الحقيقة وإظهار من خلال هذا المهرجان أنه في بلد إسلامي يتم استقبال 36 جنسية من كل الأديان وأن هذا البلد المسلم، يستقبل كل هؤلاء الأشخاص للتبادل والمشاركة والدفاع عن القيم الكونية".
وأضافت أن هذا هو الطموح الذي ساد منذ بداية المهرجان في ساحة جامع الفنا مع كل النجوم المغاربة والدوليين، كالممثل بيل موراي الذي حرص على الالتقاء بالجمهور هناك، وهذا ما يشكل أكبر تجسيد لروح المهرجان.
وأبرزت بهذا الصدد تأثير هذا التواصل على العالم، كما تشهد على ذلك الصور المنشورة والعناوين الكبرى للصحافة الدولية ك"فاريتي"، المجلة التي تقرأ على نطاق واسع بأمريكا، والتي تحدثت عن بيل موراي الذي كان سعيدا أمام 26 الف شخص استقبلوه بالرقص والغناء في الساحة الشهيرة للمدينة الحمراء، مؤكدة أن "هذا دليل على أن السينما هي لغة كونية وعامل مهم يوحدنا".
وفضلا عن عروض ساحة جامع الفنا، التي تعد تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية، ذكرت السيدة توسكان دو بلانتيي بلحظات أخرى قوية للمهرجان الذي يعتد هذه السنة بلجنة تحكيم رائعة يرأسها أحد كبار المخرجين في العالم: الأمريكي فرنسيس فورد كوبول الذي يعد فيلمه "العراب" أحد أكثر الأفلام مشاهدة في العالم.
وقالت "إننا فخورون لوجوده بيننا إلى جانب باقي أعضاء لجنة التحكيم الرائعين".
وبخصوص اللحظات القوية للمهرجان، تبقى لحظات التكريم محطة هامة في هذه الدورة التي تكرم لأول مرة الفنان الكبير بيل موراي الذي "لم يقبل أي تكريم من قبل في حياته"، والممثل الأمريكي بيل دافو والسينمائي الكوري الجنوبي بارك شان ووك والممثلة الهندية مادهوري ديكسيت ومدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي .
وينضاف الى ذلك، التكريم الذي خصص هذه السنة للسينما الكندية، بحضور وفد هام من الممثلين والمخرجين يرأسه السينمائي الكبير، أطوم أغويان الذي عرض أيضا فيلمه الأخير "تذكر".
وأعربت السيدة توسكان دو بلانتيي عن ارتياحها لمسار المهرجان منذ 15 سنة. أما بخصوص عوامل هذا النجاح المتواصل، فأوضحت أن الأمر يتعلق ب "كثير من الصبر والطاقة".
وفي ما يتعلق بمستقبل المهرجان، اعتبرت أنه يواصل مشواره قدما بهاجس عودة ضيوفه المتميزين الذين شاركوا من قبل في دوراته السابقة وإقناع آخرين بالقدوم أيضا "الشيء الذي يتطلب الكثير من العمل لأننا نريد الأفضل"، معربة عن رغبتها في استقبال ضيوف كبار أمثال ميريل ستريب وروبيرت دي نيرو أو أل باتشينو، وهي شخصيات يتطلع المغاربة إلى لقائها، على حد قولها.
وأبرزت السيدة توسكان دو بلانتيي، أنه بالنسبة للدورة الخامسة عشر لمهرجان مراكش، تم منح اعتمادات لازيد من 4000 شخص ينضاف إليهم 600 مدعو بما فيهم طاقم الأفلام والصحافة الدولية ولجنة التحكيم.
وخلصت إلى القول "لقد أصبح مهرجانا كبيرا وكما قال مارتين سكورسيزي (رئيس لجنة تحكيم دورة 2013) : مهرجان كبير بلحظات استثنائية".
جواد غالب عن فيلمه " المتمردة": حاولت تقديم صورة مهاجر مغربي خارج الصور النمطية
قال المخرج المغربي جواد غالب إنه حاول من خلال فيلمه الطويل "المتمردة" تقديم صورة مهاجر مغربي خارج نطاق الصور النمطية المتداولة في البلدان الأوربية التي تستقبل الجالية المغربية.
إنها صورة تجسدها بطلة الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. فهي "ليلى" الشابة الجامعية التي تحمل قيما حداثية وتنخرط في الدفاع عن حقوق العمال في إطار القانون، داخل ضيعة فلاحية ببلجيكا.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد جواد غالب الذي يقدم فيلمه المطول الثاني في مسيرته السينمائية، أنه كسينمائي مغربي مقيم بأوروبا مدعو الى توظيف الامكانيات التي تتيحها السينما كواجهة تواصلية من أجل فتح أعين الأوروبيين وغيرهم على صور متعددة للإنسان المغربي وعلى حقيقة مغرب يتغير.
وأوضح أن الفيلم يقدم البطلة كشابة مغربية كانت قبل انتقالها الى بلجيكا ناشطة سياسية تشارك في مظاهرات تطالب بالحرية والعدالة، وهو ما يؤكد أنه لا وجود لرقابة تضيق على الابداع والحرية، مضيفا "يهمني أن أبرز للآخرين أن المغرب تغير كثيرا في الآونة الأخيرة، ويتغير بسرعة".
وعن دور المرجعية الوثائقية للمخرج في البناء الدرامي للفيلم، وهو الذي عرف أكثر بأعمال وثائقية ناجحة، قال جواد غالب، إن ثقافة الوثائقي تساعد على تحقيق عنصر الواقعية الاجتماعية التي ينتمي اليها العمل، كما تمكن من وضع القصة في سياقها الاجتماعي والسياسي.
وعبر، من جهة أخرى، عن سعادته بتمثيل المغرب في حدث عالمي من قيمة مهرجان مراكش وبخوض المنافسة أمام لجنة تحكيم رفيعة المستوى برئاسة المخرج فرنسيس فورد كوبولا، معتبرا أن هذه المشاركة تؤرخ لمحطة نوعية في مساره السينمائي.
ويمثل الفيلم نظرة جيل جديد من السينمائيين المغاربة المنشغلين بمساءلة قضايا عدة ذات طابع إنساني وحقوقي. فهو يسلط الضوء على جوانب من معاناة المهاجرين المغاربة في الوسط المهني بأوروبا، بصوت أنثوي.
وأدى أدوار الفيلم (ساعة و16 دقيقة) كل من صوفيا مانوشا (ليلى)، بنيامين رامون (ثيبو)، هاند كودجا (جولي)، نادج ويدراوكو (فاتو) بونوا فان دورسالاير (أندري)، رفائيل برونو (فرانسواز)، إيزابيل كايولكزوك (لوسيا)، أوليفيي بونجور (ألبير)، جون دومينيك أورساتيلي (برنار).
ويخوض جواد غالب مغامرة الفيلم الطويل لثاني مرة بعد عدة تجارب في الفيلم الوثائقي توجته بأفضل فيلم وثائقي في فيسباكو سنة2007.
وجذب الانتباه أيضا بفيلم "المعذبون في البحر"، حول معاناة الصيادين الذي حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان مونتي كارلو، وترشح لجوائز الأكاديمية الأوروبية.
السينما الكندية.. قصة نهضة سينمائية مستقلة ومجددة
يعد تكريم السينما الكندية في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش احتفاء بسينما تجاوزت مخاض الإقلاع لتعيش فترة ازدهار الصناعة السينمائية وحصد الاعتراف الدولي في المحافل الكبرى.
لقد ظلت السينما الكندية التي شهدت على غرار العديد من البلدان دهشة اكتشاف الفن السابع في بدايات القرن العشرين، تعيش في ظل امبراطورية هوليود، التي شكلت ذائقة جمهورها وجعلت كندا سوقا مستهلكة لمنتجاتها، تدير ظهرها للمواهب المحلية ولا تتيح فرصا لنمو نموذج اقتصادي محفز على الاستثمار والابداع.
لكن عقدا بعد آخر، تغيرت الذهنيات وتحرر المشهد المحلي، صناعا ومبدعين وجمهورا من عقدة هوليود، بالتزامن مع نضج البنيات المؤسساتية والمادية الحاضنة لتطور الإنتاج، فجاءت سنوات التسعينيات وبداية الألفية، لتحفر لهذه السينما موقعا في خريطة الفن السابع.
لقد كان للمخرج أتوم إيكويان الذي قاد الوفد الكندي في ليلة التكريم بمراكش، أمس الأحد، والصدى الواسع الذي لقيه فيلمه "غد جميل" (1997) بإدراجه ضمن ترشيحين للأوسكار وحصوله على جائزة لجنة التحكيم بكان، الفضل في رفع الستار عن الإبداع السينمائي الكندي أمام العالم. وجاء زاكاريا كونوك ليمنح كندا جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان عام 2001، عن فيلمه الشهير "أتانارجوات" (أسطورة الانسان السريع) مضفيا على هذه السينما طابعا اثنيا يشتغل على التنوع الثقافي في البلاد ومصير الإنسان أمام هجمة التكنولوجيا في القرية الكوكبية التي لم يكن منظرها سوى الكندي مارشال ماكلوهان.
بأفلام مثل "قصة عنف" (2005) و "وعود الظل" (2007) للمخرج الكبير دافيد غرونينبرغ، بات الإنتاج السينمائي الكندي يزاحم أفلام هوليود في شعبيتها داخل القاعات المحلية، خصوصا في الكيبيك.
مواهب كندا ستسطع في هوليود، وفي مقدمتها أتوم إيكويان الذي قدم فيلما ناجحا في الدراما والتشويق "كلوي" (2010) مع النجوم جوليان مور وليام نييسن و "عش الشيطان" (2013) مع النجم كولين فيرث.
وبموازاة الأفلام التخييلية، فإن كندا قدمت نموذجا ملفتا في صناعة الفيلم الوثائقي وإبداعيته ودوره أيضا في تقديم مرايا لمجتمع شديد التنوع الثقافي واللغوي، يسائل باستمرار هويته ويحاول فهم متغيراته السريعة.
لكن لا يمكن الحديث عن السينما الكندية دون الوقوف عند هرمها الكبير جيمس كاميرون مخرج فيلمي "تيطانيك" و"أفاتار"، اللذين حققا أكبر نجاحين في تاريخ السينما، كنموذج لحنكة المخرجين الكنديين ومدى قدرتهم على تأكيد أنفسهم لدى الجمهور العالمي.
وفي تقديمها لخلفية استقبال السينما الكندية في مهرجان مراكش، استعرضت مؤسسة المهرجان جملة من المواهب الناجحة التي صدرت إبداعاتها الى القاعات والمحافل العالمية، على غرار بول هاكيس في فيلم "اصطدام"، وكوي مادين في "حذر" وسارة بولي في "خذ هذا الفالس". وصار ممثلون من قبيل جيم كاري، دونالد سودرلاند وريان كوسلينك من الوجوه المألوفة لدى جمهور السينما العالمية.
وتوقفت الورقة التقديمية عند إنجازات المخرج دينيس أركاند من خلال أفلام من قبيل "انحدار الإمبراطورية الأمريكية" و"الغزوات البربرية"، الذي نال عنه جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 2003.
كما لا يمكن إغفال لمسة جون مارك فالي الذي أخرج "أحمق"، ونال عنه جائزة لجنة التحكيم في دورة مهرجان مراكش لعام 2005.
ومنذ سنة 2004، كرم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تجارب سينمائية مختلفة هي المغرب، وإسبانيا وإيطاليا ومصر والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وفرنسا والمكسيك والهند والبلدان الاسكندنافية واليابان.
(ومع-07/12/2015)
النجم سامي بوعجيلة : مهرجان مراكش يعكس دينامية الصورة المعاصرة للمغرب
قال النجم السينمائي الفرنسي التونسي سامي بوعجيلة، عضو لجنة تحكيم الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إن التظاهرة تعكس دينامية الصورة المعاصرة للتطور الذي يعرفه المغرب.
وصرح بوعجيلة في مائدة مستديرة حضرتها بعض المنابر الصحافية، أمس الأحد، على هامش المهرجان "أنا محظوظ لأني أتردد بانتظام رفقة أسرتي على المغرب، البلد الذي أعشقه"، مضيفا أن المهرجان مرآة لمسلسل التطور الذي تشهده المملكة.
واعتبر أحد أكثر الممثلين موهبة في السينما الفرنسية أن هذا المحفل السينمائي فرض نفسه كمكان للتبادل بين مهنيي الفن السابع والسينمائيين البارزين عبر العالم، منوها بالمستوى الرفيع للأفلام المشاركة.
وبخصوص اختيار الأفلام المتوجة بجوائز الدورة، قال إن الأمر يتعلق بتحقق توافق بين أعضاء اللجنة على أفضل الأعمال، على أساس مجموعة من المعايير الفنية.
وبخصوص مساره السينمائي ومشاريعه المستقبلية، أوضح الممثل الذي لعب دور البستاني في فيلم "عمر قتلني" لرشدي زم، أن الفرجة بالنسبة إليه تحظى بالأولوية مقارنة مع أي شيء آخر، مؤكدا على ضرورة التحرر من مواقف مسبقة لتقمص الشخصيات.
وكشف أن مشاريعه لا تقتصر على التمثيل بل يعتزم الانتقال الى خلف الكاميرا تحقيقا لرغبته في إخراج فيلم سينمائي يشبع طموحه.
يذكر أن سامي بوعجيلة انضم الى لجنة تحكيم أفلام المسابقة الرسمية التي يرأسها المخرج العالمي فرانسيس فورد كوبولا، وتضم شخصيات لامعة من اليابان مع ناوومي كاوازي مرورا بالهند مع ريشا سادا، أوكرانيا مع أولكا كوريلينكو، الدنمارك مع طوماس فينتبرك، هولاندا مع أنطون كوربين، فرنسا مع جون بيير جوني وإيطاليا مع سيرجيو كاستييتو ثم المغرب مع الممثلة أمال عيوش.
تكريم السينما الكندية في مراكش احتفاء بصناعة إبداعية تنهل من تعددية ثقافية مثيرة
كرمت الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء يوم الأحد، السينما الكندية باعتبارها واحدة من أكثر أقطاب الصناعة السينمائية تميزا وحيوية، والتي تستمد ثراءها من تعدد روافدها الثقافية.
ولبت نخبة من الأسماء اللامعة في المشهد السينمائي الكندي دعوة مهرجان مراكش، حيث عاشت منصة قصر المؤتمرات لحظة ساحرة للاحتفاء بقارة سينمائية حافظت على وتيرة تطور مطردة.
وتسلم المخرج الكندي الكبير أتوم أكويان النجمة الذهبية للمهرجان من المخرجة المغربية فريدة بليزيد، على منصة اصطف فيها جمع من الممثلين والمخرجين والمنتجين، يعدون سفراء سينما تحمل بصدق سمات دولة متعددة الأعراق والثقافات.
وقدم صارم الفاسي الفهري، نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، نظرة عن أهم المنعطفات الكبرى التي حملت السينما الكندية إلى العالمية، وجعلتها ذات حضور منتظم في التظاهرات السينمائية الكبرى.
وذكر الفاسي الفهري بالمشاركة الوازنة للسينما الكندية عبر دورات مهرجان مراكش، وتتويجاتها التي فتحت أمام بعض الأسماء طريق التألق في تظاهرات عالمية.
وفي كلمة باسم الوفد الكندي، أعرب المخرج العالمي أتوم أكويان، عن سعادته بتقاسم التجربة السينمائية لبلاده مع الجمهور المغربي، من خلال أفلام تعكس تنوع المرجعيات والأساليب في المتن السينمائي الكندي.
وقال أكويان إن أفلام كندا تعكس فسيفساء ثقافية تجمع بين إرث الشعوب الأصلية والذاكرة الاستعمارية لفرنسا وبريطانيا، انضافت إليه تأثيرات موجات الهجرة المتواصلة إلى بلاده، التي تكرس تعددية ثقافية وهوية متنوعة الروافد.
فبعد سنوات من العيش في ظل صناعة هوليود، نجحت كندا في تطوير صناعة وطنية مستقلة ومجددة للإنتاج السينمائي، حصدت اعترافا عالميا، بقوة المواهب وأصالة المواضيع وتميز الأساليب التي تميز هذه التجارب.
وأعقب حفل التكريم الذي يكرس تقليدا دأب عليه مهرجان مراكش منذ دورة 2004، عرض فيلم " تذكر" للمخرج أتوم أكويان، الموهبة الفذة التي أبهرت أرقى محافل الفن السابع عبر العالم.
وفي إطار هذه الاحتفالية، برمج المنظمون سلسلة عروض شملت ثلاثين فيلما كنديا، تدعو ضيوف التظاهرة وعشاق السينما، لاستكشاف العوالم الإبداعية للسينمائيين الكنديين، والتي تمثل أجيالا وتيارات وأساليب متنوعة.
وكان المهرجان الدولي للفيلم بمراكش قد كرم في دوراته السابقة تجارب سينمائية مختلفة هي المغرب، وإسبانيا وإيطاليا ومصر والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وفرنسا والمكسيك والهند والبلدان الاسكندنافية واليابان.
فيلم "المتمردة" لجواد غالب.. عين على نضال المهاجرين من أجل الانصاف
وقعت السينما المغربية، يوم الأحد، حضورها في المسابقة الرسمية للدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش من خلال عرض فيلم"المتمردة" للمخرج جواد غالب.
ويمثل الفيلم الذي يتنافس على جوائز المهرجان ضمن قائمة من 15 فيلما، نظرة جيل جديد من السينمائيين المغاربة المنشغلين بمساءلة قضايا عدة ذات طابع إنساني وحقوقي. فهو يسلط الضوء على جوانب من معاناة المهاجرين المغاربة في الوسط المهني بأوروبا، بصوت أنثوي.
إنه صوت "ليلى"، الشابة الجامعية المغربية، التي تقصد بلجيكا من أجل مستقبل مهني أفضل. تحط الرحال بمزرعة عائلية للتفاح يديرها أندرو وتكتشف النظام الجائر الذي ينتهك الحقوق المهنية والانسانية للعمال والعاملات، خصوصا من ذوي عقود العمل الموسمية. ليلى التي كانت ناشطة من أجل الديموقراطية في بلادها ستحاول الدفاع عن نفس القيم التي تؤمن بها، من أجل التغيير الذي يحفظ الحقوق في بلد استقبال من قبيل بلجيكا.
ويتخذ الفيلم منحى خطيا، يرسم رحلة ذهاب صوب المهجر. يبدأ بمغادرة المغرب، وينتهي بالعودة إليه بعد انتهاء عقد العمل الموسمي. يقترح صورة مغايرة لمهاجر حامل للقيم الحداثية، مستعد للدفاع عن حقوقه المشروعة في إطار القانون. يتفادى الفيلم السقوط في صور أحادية للآخر. فمقابل رب العمل البلجيكي الذي ينتهك حقوق عماله، ثمة أيضا مواطنته الناشطة الحقوقية التي تساعد المهاجرين وتتبنى قضاياهم.
أدى أدوار الفيلم ( ساعة و 16 دقيقة) كل من صوفيا مانوشا (ليلى)، بنيامين رامون (ثيبو)، هاند كودجا (جولي)، نادج ويدراوكو (فاتو) بونوا فان دورسالاير (أندري)، رفائيل برونو (فرانسواز) ، إيزابيل كايولكزوك (لوسيا)، أوليفيي بونجور (ألبير)، جون دومينيك أورساتيلي (برنار).
يذكر أن جواد غالب يخوض مغامرة الفيلم الطويل لثاني مرة بعد عدة تجارب في الفيلم الوثائقي توجته بأفضل فيلم وثائقي في فيسباكو سنة2007 . وقد جذب الانتباه أيضا بفيلم "المعذبون في البحر"، حول معاناة الصيادين والذي حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان مونتي كارلو، وترشح لجوائز الأكاديمية الأوروبية.
سبق لجواد غالب أن أخرج أول فيلم روائي طويل له بعنوان "7، شارع الجنون" الذي تم عرضه في مهرجان بلد الوليد، ومهرجان السينما الجديدة في مونتريال ومهرجان الفيلم الفرنكوفوني بنامور.
فيلم "سيارة الشرطة" لجون واتس .. مغامرة وتشويق برسائل اجتماعية ذكية
يعد الفيلم الأمريكي "سيارة الشرطة" للمخرج جون واتس، الذي يشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشرة، رحلة شيقة مليئة بالمغامرة ومحفوفة بالمخاطر.
الفيلم الذي قدم صباح يوم الأحد، كثالث عروض المسابقة، يقدم مادة مشوقة في صيغة لعبة أطفال لكنها لا تخلو من رسائل عميقة وحساسة في المجتمع الأمريكي، تتعلق بالعنف والفساد والتنشئة.
يحكي الفيلم قصة طفلين يتجولان بين الحقول بحثا عن اللهو و المغامرة، ثم يعثران بالصدفة على سيارة شرطة مهملة مركونة في زاوية بتلك القرية النائية.
يقودهم شغبهم الطفولي وفضولهم إلى فتح بابها وإدارة محركها ثم قيادتها للقيام بنزهة، وهو ما سيتسبب لهما في الكثير من المشاكل ويعرضهما أيضا للمخاطر.
اللعبة الطفولية الممتعة بالنسبة إليهما، ستشكل كابوسا للشرطي الفاسد كريزر الذي يعود لتلك القرية النائية بعد دفن جثة، على طريقة رجال العصابات، فلا يجد سيارته التي تحتوي على أدلة عديدة تدينه، فيصبح هاجس الشرطي كريزر الوحيد هو استعادة سيارته دون إبلاغ زملائه في الشرطة عن سرقتها.
تتوالى أحداث الفيلم في قالب فني مشوق نجح في مزج براءة طفلين مع خبث شرطي متورط في صراعات مع رجال عصابات.
الجانب الملفت في هذا العمل الفني هو حفاظه طوال سير الأحداث على قدر عال من التشويق، ولكن بعيدا عن مبالغات أفلام الحركة والجريمة المعتادة، حيث جعل محنة الطفلين تبدو أكثر صدقا وواقعية.
يشكل الطفلان المحور الرئيسي للفيلم وكلاهما قام بتشخيص دوره بشكل جيد ومقنع، بفضل تلقائية مثيرة مصدرها البساطة والثقة أمام الكاميرا . وفي المقابل، استعان المخرج بخبرة نجم كبير أدى دور الشرطي وهو الممثل كيفن باكون المتميز بموهبته الفذة وقدراته التمثيلية الكبيرة.
نجح مخرج الفيلم في تصوير مشاهد مشوقة ومؤثرة أحيانا كما استغل الفضاءات التي صور بها الفيلم خاصة الحقول والمزارع والطرق لخلق أجواء ملؤها الترقب والحذر.
إخراج جون واتس خلق إثارة مستمرة بإيقاع محكم خدم العمل بدل أن يكون مصدر ملل ، كما أن اهتمامه بالتفاصيل يبقي المشاهد مترقبا وماضيا في تخميناته، التي تتطور مع تطور الأحداث والشخصيات. ومن نقاط قوة الفيلم الأساسية أيضا هيمنة روح الطفولة عليه والمهارة في اختيار وإدارة الممثلين.
قام بتشخيص الأدوار إلى جانب كيفن باكون، كل من شيا ويكام و كامرين مانهايم وجيمس فريدسون جاكسون وهايس ويلفورد.
يشار إلى أن المخرج جون واتس نشأ في مدينة فاونتن بولاية كولورادو الأمريكية، حيث صور جزءا من فيلمه "سيارة الشرطة" وأخرج العديد من الأفلام القصيرة، قبل أن يوقع سنة 2014 على أول فيلم روائي طويل له وهو فيلم الرعب "المهرج".
مراكش تحتفي بمادوري ديكسيت شانكار.... نجمة من زمن بوليود
احتفت الدورة الخامسة عشر للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء يوم السبت، بالممثلة الهندية مادوري ديكسيت شانكار.
وتسلمت النجمة الهندية، ذات الشعبية الواسعة، النجمة الذهبية للمهرجان في أجواء احتفالية دافئة، معربة عن شكرها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ولصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
وبهذا التكريم، يواصل مهرجان مراكش الذي يتواصل الى غاية 12 دجنبر الجاري، انفتاحه على بوليود، أحد أهم أقطاب الصناعة السينمائية في العالم، وتواصله مع قارة سينمائية حظيت دائما بمكانة خاصة لدى الجمهور المغربي.
ويتعلق الأمر بنجمة صنفت في مرحلة معينة الممثلة الأكثر أجرا في الهند، وكانت متوجة تقليدية بجوائر فيلمفار التي تعادل أوسكار السينما الهندية. ولعل ما يثير الانتباه في مسار مادوري هو جمعها بين النجاح الشعبي في السينما البوليودية التجارية، ابتداء من التسعينيات، كما في السينما المستقلة التي أبانت فيها عن مؤهلاتها كفنانة أداء متكاملة.
ولدت مادوري ديكسيت شانكار في بومباي. درست علم الأحياء الدقيقة بجامعتها. مارست الرقص التقليدي كاثاك لأكثر من سبع سنوات قبل أن تبدأ حياتها المهنية سنة 1984 مع فيلم "أبود".
وترسخت شهرة النجمة الهندية في فيلم "بيتا" (1992)، الذي حصل على 4 جوائز فيلمفار، بينما توجت هي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "هوم أباك هين كون". وفي عام 2002، تم الإجماع على الاعتراف بموهبتها من خلال أدائها لشخصية شاندراموخي في فيلم "ديفداس" الذي عرف نجاحا شعبيا باهرا على المستويين الوطني والدولي.
وبمسيرة تناهز ثلاثة عقود، مازالت مادوري ديكسيت شانكار تحظى بشعبية قوية جسدها نجاح دورها كأرملة ماكرة في فيلم "ديد إيشكييا" (2014)، لدى النقاد والجماهير، على السواء.
وانضمت الممثلة الهندية الى قائمة طويلة مختارة من ألمع صناع الفرجة السينمائية في مختلف أنحاء العالم، ممن حظوا بالتكريم في إطار الدورات المتعاقبة للمهرجان.
وكان المهرجان قد افتتح أمس برنامجه التكريمي محتفيا بالنجم الأمريكي بيل موراي، على أن تتواصل هذه الأمسيات بتكريم المخرج الكوري الجنوبي شان وورك بارك، ومدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، ثم النجم الهوليودي المتميز ويليام دافوي.
فردوس .. فيلم إيراني ينقل معاناة المرأة من ثقل القيود الاجتماعية
سنة بعد أخرى، تؤكد السينما الإيرانية حضورها اللافت وقدرتها الكبيرة على التفرد والتنافس في أكبر المهرجانات السينمائية العالمية، عبر إنتاجات عالية الجودة تقترب من الواقع أكثر بذكاء في الرؤية وحرفية عالية في الأسلوب التعبيري.
ويكرس فيلم فردوس للمخرج سينا أتيان دينا، فكرة ثنائية البساطة والعمق في معالجة القضايا التي تهم المجتمع الإيراني، وهي سمة أساسية لسينما هذا البلد الذي تعد معظم أفلامه تجسيدا شديد الواقعية للأيام العادية من حياة المواطنين.
يطرح هذا الفيلم، الذي يشارك هذه السنة في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشرة، قضية المرأة من خلال طرح فني متميز وسيناريو وإخراج متقن مع أداء تمثيلي مقنع.
يحكي الفيلم قصة هنية، ذات الخامسة والعشرين ربيعا، والتي تعيش رفقة شقيقتها المتزوجة في مدينة طهران. وفي كل يوم تستقل وسائل النقل العمومية لساعات تبدو بلا نهاية، لتقطع مسافة طويلة من أجل الوصول إلى ضاحية بعيدة حيث تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية خاصة بالبنات.
تسعى هنية للانتقال للعمل في مدرسة أقرب وسط طهران، لكن طلبها يبدو أنه ضاع في متاهات بيروقراطية الإدارة حتى أصبح من شبه المستحيل الاستجابة له. كما لم يعد بإمكانها أن تنتظر دعم مسؤوليها الذين أصبحوا يواجهونها بمشكلة كبرى تتمثل في اختفاء فتاتين من المدرسة.
تحاول هنية في خضم هذه المشاكل التي تواجهها إيجاد حل لمعاناتها وفك قيود حياة يومية استنفدت كل قواها. هذه القصة البسيطة قدمها المخرج سينا اتيان دينا، بأسلوب درامي مكثف وعبر لغة سينمائية متميزة.
كما أن الأحداث تنساب بعفوية بلا انعطافات تشوش على عنصر الانسجام والواقعية سواء على مستوى الشخصيات أو الأحداث.
هو فيلم عن معاناة المرأة والعنف الممارس عليها داخل المجتمع، وصرخة عبرت عنها بطلة الفيلم في وجه هذا التمييز الذي تعاني منه، معبرة عن رغبتها في التحرر من هذه القيود المفروضة عليها والتي حولت حياتها إلى جحيم. عن حرمان الفتاة من لعب كرة القدم، وعن الموسيقى والحرية الشخصية والميز...وغيرها، يتمحور موضوع الفيلم.
والحال أن بعض المشاهدين قد يجدون في الفيلم نوعا من الحشو المكثف بالصور النمطية عن المجتمع الإيراني، حيث يكتسي النقد الجذري للنظام الاجتماعي والسياسي الإيراني أحيانا، طابع خطاب مباشر.
قام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل من درنا ديباج وفريبا كامران وفاطمة نقو وناهد مسلمي وهوشنك قوانلو.
يشار إلى أن المخرج سينا أتيان دينا، ولد سنة 1983 ، جنوب إيران. تخلى عن دراسة العلوم الفيزيائية في الجامعة من أجل دراسة السينما، وعمل بالموازاة مع تحصيله الدراسي في تصوير الأفلام السينمائية وأفلام الرسوم المتحركة القصيرة وفنون الفيديو والمؤثرات البصرية في السينما والمسرح، وككاتب سيناريوهات لألعاب الفيديو.
وفي سنة 2008 ، تخرج من جامعة سورة بطهران حيث قدم أطروحته في موضوع "تأثير القصص المصورة في السينما". وفي سنة 2009 ، فاز فيلمه القصير للرسوم المتحركة "الموسيقى خصوصا" بالجائزة الكبرى في مهرجان الفيلم القصير بطهران.
ويعد فيلم "فردوس" الجزء الأول من ثلاثيته التي يخصصها لموضوع العنف.
(ومع-06/12/2015)
الفيلم الكوري الجنوبي "زهرة الفولاذ" يفتتح عروض المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش
يواصل المخرج الكوري الجنوبي، بارك سوك يونغ، في فيلمه "زهرة الفولاذ"، الذي دشن يوم السبت عروض المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الخامسة عشرة، تسليطه الضوء على مشاكل بعض الشباب الذين يوجدون في وضعية صعبة في كوريا الجنوبية.
فبعد فيلمه السابق "الزهور البرية" الذي رصد أيضا مشاكل الشباب في هذا البلد، يرسم سوك يونغ من خلال هذا العمل الفني بورتريه لفتاة شابة بدون مأوى تدعى "ها دام"، تجد نفسها مشردة في الشارع، فتبدأ في استغلال بعض المنازل المهجورة للمبيت بعد اقتحامها.
وبحلول فصل الشتاء، تغادر "ها دام" مدينة سيول إلى بوسان، أملا في العثور على عمل. ولكن بحثها كان دون جدوى بسبب عدم توفرها على رقم هاتف أو عنوان لإقامة دائمة، وهذا كان شرطا أساسيا لحصولها على عمل.
وفي أحد الأيام التي كانت تبحث فيها عن عمل انجذبت ها دام فجأة للرقص الإيقاعي. ومنذ تلك اللحظة، شرعت "ها دام"، مسحورة بالإيقاع، ترقص في الشارع فأحبت ذلك، وشكل لها هذا الأمر متنفسا لمراوغة المشاكل والتحديات التي تواجهها يوميا.
لكن احتفاء "ها دام" بجماليات الحياة الصغيرة وتفاصيلها واكتشافها لأشياء سارة عفوية، لن يدوم طويلا حيث سيترصد لها واقع الحياة القاسي من جديد ليورطها مجددا في متاهة من المشاكل والمواقف الصعبة بعد طردها من الوظيفة التي وجدتها بمشقة الأنفس.
لقد عكس هذا الفيلم بكل مصداقية هموم بعض الشباب والتحديات التي قد تواجههم خلال رحلة البحث عن عمل، وذلك من خلال هادام الشخصية المحورية للفيلم، وقدم وجها آخر لحياة الشباب بكوريا الجنوبية بكل ما فيها من صعوبات واحتمالات سيئة، وإن كان منح لبطلته الفرصة لتنتصر لنفسها على قسوة الحياة من خلال لحظات فرح اقتنصتها من خلال ممارسة الرقص الإيقاعي.
شخصيات الفيلم تبدو حقيقية من الواقع تنبض بالطموحات وبالمخاوف أيضا. ورغم بساطة قصة هذا العمل الفني إلا أن المخرج بارك سوك يونغ، قدمها بأسلوب درامي مكثف وعبر مادة بصرية تكاد من فرط واقعيتها تبدو قطعة من الحياة ذاتها.
سيناريو الفيلم محبوك بشكل جيد حيث تنساب الأحداث بشكل سلسل، ويضيف كل مشهد شيئا جديدا لمسار القصة، فضلا عن التصاعد في الإيقاع مع تقدم زمن الفيلم، وحسن اختيار الموسيقى التصويرية في المشاهد الأخيرة التي عبرت عن حالة الفرح التي عاشتها بطلة القصة بفضل الرقص التعبيري.
ومن جهة أخرى، كان أداء بطلة الفيلم مقنعا جدا، فقد نجحت في أداء دور فتاة في وضعية صعبة وهشة، تعيش معاناة مزدوجة: الفقر وغياب الحضن العائلي. كما كان أداء باقي الممثلين جيدا بتعابيرهم الغنية وردود أفعالهم وانفعالاتهم، تحت إدارة المخرج بارك سوك يونغ المتقنة وهي عناصر قوة شكلت مرتكز أسلوبه التعبيري إلى جانب دينامية الصورة التي ظلت دائما قريبة من ملامح الشخوص وانفعالاتهم.
يشار إلى أن المخرج بارك سوك يونغ، ولد سنة 1973 في سيول (كوريا الجنوبية)، ودرس الأدب الكوري في جامعة سوكانك والسينما في جامعة كولومبيا في نيويورك، انقطع عن الدراسة للانضمام إلى فريق إنتاج فيلم روائي طويل هو "الزهور البرية"، فكانت الانطلاقة التي تعد بمستقبل لامع لهذا الإسم في المشهد الثري والمجدد للسنيما الكورية الجنوبية.
فرنسيس فورد كوبولا: السينما قادرة على تغيير العالم
قال المخرج الأمريكي فرنسيس فورد كوبولا، رئيس لجنة تحكيم الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ان السينما -والفن عموما- قادرة على تغيير العالم.
وأوضح مخرج " العراب"، خلال الندوة الصحافية التي عقدتها لجنة التحكيم، صباح اليوم السبت، بقصر المؤتمرات، أن السينما عامل توحيد للبشر من مختلف الثقافات والبلدان، حول قيم التسامح والمحبة والسلام.
لكن كوبولا حرص على التنويه الى أن هيمنة الأهداف التجارية على مشاريع صناعات السينما تعرقل اضطلاع الفن السينمائي بدوره في تغيير العالم.
وألقت الاضطرابات المسلحة والأحداث الارهابية التي عرفتها مناطق عديدة عبر العالم، ظلها على فعاليات اللقاء، الذي أجمع خلاله المتدخلون على دور الفن في جسر الهوة وتعزيز التلاقح بين الشعوب والأفراد، ومحاربة الصور النمطية.
وفي ذات السياق، أبرز كوبولا، أن الاسلام ليس دين عنف، على خلاف بعض الصور النمطية المتداولة، كما أن العالم العربي الاسلامي ذو حضارة عريقة ثرية.
وعلى ذات المنوال، أكد عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، الممثل الايطالي سيرجيو كاستييتو، أن القدوم الى مهرجان مراكش يعد بمثابة فعل سياسي ضد أجواء العنف والارهاب التي تضرب في عدة أماكن، لأن الفنان صاحب رؤية للمستقبل، أو هكذا ينبغي أن يكون.
وكممثل فرنسي من أصل تونسي، أقر سامي بوعجيلة بانتشار صور نمطية على الشاشة تجسد العالم العربي الاسلامي كمنبت للعنف، موضحا أن الرهان في السينما هو تقديم أعمال قوية فنيا، لا على انتاج خطابات مباشرة. وأضاف سامي: " الفرجة تكتسي الأولوية في السينما، وبعدها يأتي الخطاب".
يذكر أن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان الذي يتواصل الى 12 دجنبر الحاري، تضم أيضا ناوومي كاوازي من اليابان وريشا سادا من الهند وأولكا كوريلينكو من أوكرانيا، وطوماس فينتبرك من الدنمارك، وجون بيير جوني من فرنسا ثم الممثلة المغربية أمال عيوش.
تكريم نجم الكوميديا بيل موراي في افتتاح المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
تم خلال حفل افتتاح الدورة الخامسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء يوم الجمعة، تكريم النجم الأمريكي الكبير بيل موراي.
وخلال هذا الحفل سلمت المخرجة صوفيا كوبولا، التي سبق وأنت تعاونت مع موراي في فيلم "ضائع في الترجمة"، النجمة الذهبية لهذا النجم التي يتميز بمسار فني حافل، كما تألق طيلة مشواره السينمائي في أدوار متنوعة نالت إعجاب الجمهور.
وفي كلمة لها بهذه المناسبة قالت صوفيا كوبولا إن بيل موراي نجم متعدد المواهب يبهر بتقمصه الهائل لشخصياته، وأنه "أسطورة للكوميديا" يقدم أفضل ما لديه في أي عمل فني كما ينجح في إلهام الآخرين ليقدموا أفضل ما لديهم أيضا.
من جانبه، أعرب بيل موراي عن سعادته بعودته للمغرب وبتواجده بين الشعب المغربي الذي يكن له كل الحب والتقدير.
وقال موراي إن ما حفزه لحضور المهرجان عشقه الكبير للمغرب، ثم عرض فيلمه "روك القصبة" في إطار فقرات المهرجان وهو العمل الفني الذي صوره بالمغرب ويتمنى أن يشاهده الجمهور المغربي.
من جهة أخرى، أشار موراي إلى أن الظروف تفرض عليه كممثل أن يصور أفلاما في ظروف صعبة حيث يجد نفسه أمام اختلافات على مستوى اللغات والثقافات، ولكن على الرغم من ذلك يحرص على البحث عن نقاط الالتقاء بينه وبين الآخرين لأن ما يجمع البشر أكثر مما يفرقهم.
يشار إلى أن بيل موراي قدم مجموعة من الأفلام، وتميز بتشخيصه أدوارا مهمة في إنتاجات لاقت نجاحا كبيرا في ثمانينيات القرن الماضي مثل "إس أو إس فانتوم" و"توتسي"، حيث أصبح موراي أيقونة لسينما المؤلف بالولايات المتحدة الأمريكية، من خلال العمل مع مخرجين كويس أندرسن، جيم جارموش وتيم بورتن.
ولا يزال جمهوره عموما يتذكر دوره المتميز في فيلم "ضائع في الترجمة"، لمخرجته صوفيا كوبولا في سنة 2003 وهو الدور الذي رشحه لجوائز الأوسكار.
وإلى جانب بيل موراي، يكرم المهرجان، الذي يتواصل إلى 12 دجنبر الجاري، شخصيات بارزة ومن آفاق سينمائية متعددة، من قبيل الممثلين ويليام ديفوي، والمخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك، والنجمة الهندية مادهوري ديكسيت، ومدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي.
صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد : سيظل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش فضاء لتفاعل الحلم والفن والالتزام المواطن
قال صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إن هذا المهرجان سيظل فضاء لتفاعل الحلم والفن والالتزام المواطن.
وأضاف صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، في افتتاحية تقديمية للدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش التي انطلقت مساء يوم الجمعة، أن هذا المهرجان مكن، منذ سنوات، من انصهار السينما بالإنسانية، عبر برمجته الغنية و المتنوعة، من تكريمات، وسينما المدارس، أو دروس السينما، أو السينما بالوصف السمعي لفائدة المكفوفين وضعاف البصر، ثم العروض بساحة جامع الفنا التي تعد تراثا ثقافيا للإنسانية جمعاء.
وسجل أنه "في وقت يثير فيه العالم وأحداثه الرهيبة قلقا منقطع النظير، فإن السينما مدعوة اليوم إلى تقديم شهادتها أمام هذه الشدائد والمحن التي تضرب عددا كبيرا من البلدان، جاعلة الآلاف من البشر يسعون إلى ملاجئ عدة هربا من الهمجية والعنف".
وذكر سموه، من جهة أخرى، بأن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرم هذه السنة السينما الكندية التي تعد من التجارب الغنية والقوية بمواهبها وتنوعها رغم حداثتها.
ويندرج هذا التكريم، مثل سابقيه، يقول سموه، في صلب هوية المهرجان، الذي يرمز إلى لحظة استثنائية تلتقي وتتحاور من خلالها مختلف الثقافات جاعلة من السينما لغة كونية.
وأكد صاحب السمو الملكي أن تجديد هذا الحوار كل سنة بين المواهب والكفاءات في مدينة عتيقة كمراكش، والتقاء مختلف المبدعين في مجال الفن السابع، "ليجعلنا نسجل بكل فخر واعتزاز دور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي أضحى في الواقع، قبلة لصناع السينما وطنيا ودوليا، من أجل رسم معالم سينما الغد، علاوة على أن المملكة المغربية باتت تشكل الوجهة المفضلة لاستضافة الإنتاجات السينمائية الكبرى عبر العالم".
وشدد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد على أن المواهب الشابة تشكل اليوم عيونا على هذا العالم، ونظرا لحرصها الشديد على اشراك طلبتنا المخرجين الشباب في هذا الحفل السينمائي، فإن المهرجان يستضيف من خلال مسابقة سينما المدارس، الشباب المغاربة مخرجي الغد، ويمنحهم فرصة التعبير عن أنفسهم حيث تلتقي الثقافة والوعي جنبا إلى جنب، لأنهم باحتكاكهم بالمبدعين الكبار الذين سيحضرون المهرجان، سيتمكنون من رفع تحدي خلق سينما مغربية واعدة.
انطلاق الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش
انطلقت، مساء يوم الجمعة، فعاليات الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي تتواصل إلى غاية 12 دجنبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحضور نخبة من ألمع نجوم الفن السابع.
وتميز حفل افتتاح الدورة بتكريم النجم الأمريكي بيل مواري، ضمن سلسلة من الأمسيات التي تحتفي بنجوم وصناع السينما من المغرب والعالم.
وعبر رئيس لجنة تحكيم الدورة، المخرج الأمريكي فرنسيس فورد كوبولا، عن شكره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على رعاية التظاهرة، ولصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
وأبدى كوبولا سعادته بالعودة إلى المغرب، الذي وصفه بأنه "أحد البلدان المفضلة" لديه.
وعلى غرار الدورات السابقة، يقترح المهرجان الذي يحتفي بالسينما الكندية، فقرات متنوعة بين مسابقة رسمية وعروض "خفقة قلب" ومسابقة لطلبة مدارس السينما ودروس ماستر كلاس ولحظات تكريمية ولقاءات أخرى متنوعة.
وتشتمل المسابقة الرسمية على خمسة عشر فيلما طويلا، تمثل تجارب سينمائية شديدة التنوع من اليابان والبرازيل مرورا بكوريا الجنوبية والهند وكازاخستان وإيران وتركيا ولبنان وأيسلندا والدنمارك وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، والمكسيك.
ويوقع المغرب حضوره في المسابقة بإنتاج مشترك مغربي بلجيكي يتمثل في فيلم "المتمردة" لجواد غالب الذي انتقل إلى إخراج الفيلم الطويل بعد تجربة ناجحة في الأفلام الوثائقية.
وتعرض فئة "نبضة قلب"، التي تحمل عادة حس الاكتشاف أفلاما متنوعة من بينها فيلم "لا ايسلا" لأحمد بولان الذي تم إنتاجه بشكل مشترك مع إسبانيا.
وتقترح مسابقة سينما المدارس منافسة بين أفلام قصيرة تم إخراجها من طرف خريجي مدارس السينما، حيث ستجري المسابقة بين سبعة أفلام من مدن مراكش، الرباط والدار البيضاء.
وتتبارى أفلام المسابقة الرسمية أمام لجنة تحكيم يرأسها المخرج العالمي فرانسيس فورد كوبولا، وتضم شخصيات لامعة من اليابان مع ناوومي كاوازي مرورا بالهند مع ريشا سادا، أوكرانيا مع أولكا كوريلينكو، الدانمارك مع طوماس فينتبرك، هولاندا مع أنطون كوربين، فرنسا مع جون بيير جوني وإيطاليا مع سيرجيو كاستييتو ثم المغرب مع الممثلة أمال عيوش، قبل أن ينضم إلى اللجنة الممثل الفرنسي التونسي سامي بوعجيلة.
ويترأس المخرج والسيناريست البلجيكي جواكيم لافوس لجنة تحكيم مسابقة سينما المدارس، التي تضم في عضويتها آناييس دومستيي والممثلة والمخرجة فاليريا بروني طاديتشي (فرنسا-إيطاليا) و الممثلة الإيطالية فاليريا كولينو والممثل نيلز شنايدر (فرنسا-كندا)، بينما تحضر السينما المغربية في اللجنة من خلال المخرج سعد الشرايبي.
وعلى عادة تكريمها لنجوم الصف الأول من مبدعي السينما عبر العالم، تحتفي منصة المهرجان بالممثل الأميركي بيل موراي، ومواطنه النجم ويليام دافوي، مدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، المخرج الكوري الجنوبي شان وورك بارك ثم الهندية مادوري ديكسيت.
واستمرارا لسنة الاحتفاء بتجارب وطنية متنوعة لصناعة السينما، تكرم التظاهرة السينما الكندية تقديرا لحيويتها وأصالة إبداعاتها ومواهبها التي أهدت العالم العديد من الروائع.
ويلمع في سماء الدورة ثلاثة مخرجين كبار يتقاسمون مع جمهور السينما ونقادها ومهنييها تجارب متفردة خلف الكاميرا. ويتعلق الأمر بالإيراني عباس كيروستامي، الألماني فاتح أكين ثم الكوري الجنوبي بارك شان ووك.
(ومع-04/12/2015)