
قال وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، يوم الاثنين 02 يونيو بالرباط، إن التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة والمتسارعة التي تفرضها الثورة الرقمية.
وأوضح السيد بنسعيد، في كلمة تلتها بالنيابة عنه مديرة الكتاب والخزانات والمحفوظات بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، غزلان دروس، بمناسبة افتتاح أشغال الملتقى الأول للمكتبات الوطنية في الوطن العربي، "إننا مطالبون اليوم، أكثر من وقت مضى، بتعزيز العمل المشترك، وتبادل الخبرات، ووضع رؤية موحدة لتحديث وتطوير مكتباتنا الوطنية، وتوسيع خدماتها وتعزيز دورها".
ولفت الوزير إلى أن المكتبات الوطنية تمثل رافعة أساسية في التنمية المستدامة على الصعيدين الثقافي والأكاديمي، مبرزا تموقعها في صلب التحول الرقمي وفي قلب اهتمامات المجتمعات، خاصة فئة الشباب.
كما ذكر بـ "الدعم الثابت" لوزارة الشباب والثقافة والتواصل لكافة المبادرات الهادفة إلى النهوض بالمشهد الثقافي العربي، مسجلا أن هذا الملتقى يشكل منصة فاعلة للحوار والتخطيط والعمل.
من جهتها، أكدت مديرة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، سميرة المليزي، في كلمة مماثلة، أن استضافة الملتقى الأول للمكتبات الوطنية في الوطن العربي بالرباط، مدينة الأنوار، يأتي تأكيدا على التزام المملكة المغربية بتطوير قطاع المكتبات، من خلال تبني أفضل الممارسات الحديثة، والارتقاء بجودة خدماتها وكذا تعزيز دورها كمراكز حيوية للمعرفة والثقافة.
وبعد أن أشارت إلى أن دول العالم أصبحت ترسم استراتيجيات التنمية من خلال أسس علمية ترتكز على المعرفة المعلوماتية والذكاء الاصطناعي، شددت السيدة المليزي على أهمية هذا الملتقى في ترسيخ المعرفة، وحماية الهوية الثقافية ودعم التنمية المجتمعية المستدامة.
وأبرزت أن الملتقى "يعد بحق حدثا مميزا لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين مديري المكتبات والقيادات المعنية، بما يسهم في تطوير استرتيجيات رقمية تفتح آفاقا جديدة أمام المكتبات الوطنية في الوطن العربي".
أما مدير مكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي بالرباط، إيريك فالت، فقال "إننا نجتمع في لحظة حاسمة بالنسبة للمكتبات ومؤسسات الذاكرة، وبشكل عام للحفاظ على تراثنا الوثائقي"، مذكرا بتحذير اليونسكو، منذ عدة سنوات، من الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في جميع المجالات.
وأوضح السيد فالت أن الدول الأعضاء في المنظمة الأممية اعتمدت سنة 2021 توصية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مبرزا أن الأمر يتعلق بـ "نص رائد، وأول إطار عالمي لوضع المعايير في هذا المجال".
ولفت، في نفس السياق، إلى أن هذه الوثيقة تقترح مبادئ واضحة وإجراءات ملموسة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الرئيسية، بما في ذلك المكتبات والمحفوظات والمتاحف.
من جانبه، قال المدير العام للمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (الألكسو)، محمد ولد أعمر، إن شعار هذا الملتقى الأول، وهو "الذكاء الاصطناعي في خدمة المكتبات والتراث الوثائقي"، يمثل عنوانا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين صون الذاكرة الجماعية للأمة واستثمار أحدث لما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال الحيوي.
وشدد السيد أعمر على أن "المكتبات لم تكن يوما مجرد خزائن للكتب، بل كانت دائما قلبا نابضا للمعرفة وجسرا يصل الماضي بالحاضر والمستقبل"، موضحا أن التراث الوثائقي هو "كنز الأمة المكنون، وسجلها الحي الذي يحفظ هويتها وتاريخها، ويشكل الأساس الذي تبنى عليه الدراسات والبحوث وتستقى منه التجارب والدروس".
وسجل، من جانب آخر، دخول الذكاء الاصطناعي إلى هذا العالم المعرفي ليمنحه أداة متقدمة تعزز جهوده وتوسع من قدراته، بما في ذلك رقمنة الأرشيفات والمخطوطات بدقة وسرعة، وتحليل النصوص القديمة وفهم سياقاتها، فضلا عن توفير خدمات بحث ذكية وتوصيات مخصصة للمستخدمين.
وبالنسبة للأمين العام للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، كريم حميدوش، فإنه "من الضروري استحضار التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي على مستوى التقانة والأخلاقيات في ظل الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم حاليا".
وأضاف السيد حميدوس أن هذا الملتقى يكتسي أهمية بالغة بحكم كونه يشكل فرصة للتداول بشأن المحافظة على المخطوط وتثمينه، وتبادل الخبرات المثمرة والناجحة.
ويعرف برنامج الملتقى الأول للمكتبات الوطنية في الوطن العربي، الذي ينعقد على مدى يومين، تنظيم أربع جلسات رئيسية تناقش تباعا مواضيع "دور الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات بالمكتبات الوطنية"، و"إدارة التراث المخطوط: الغنى والتنوع وإكراهات المحافظة والإتاحة".
ويتمحور موضوع الجلستين الثالثة والرابعة لهذا الملتقى، الذي تنظمه المكتبة الوطنية للمملكة المغربية التابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بتعاون مع كل من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومنظمة اليونسكو واللجنة الوطنية المغربية للتربية والثقافة والعلوم، حول "تجارب المكتبات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي".
(ومع: 02 يونيو 2025)