وزارة العدل والحريات تطرح مشاريع تعديلات تشريعية بمجلس النواب

قدم وزير العدل والحريات السيد المصطفى الرميد، أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، عرضين حول:
- مشروع قانون رقم 1.13 المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء
- مشروع قانون رقم 22.13 يقضي بتتميم المادة 174 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية
فيما يلي كلمة السيد الوزير بمناسبة تقديم المشروعين:
مشروع مسطرة الأمر بالأداء
يقوم الاستثمار بدور بالغ الأهمية في تحريك عجلة الاقتصاد لما يوفره من فرص للشغل . ونظرا لتأثر الاستثمارات الأجنبية والوطنية، سلبا وإيجابا، بمدى تطور المساطر الرامية إلى تحصيل الديون، فقد عملت الحكومة على إحداث اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال التي ترمي إلى تحقيق جملة من الأهداف من بينها تطوير آليات حل المنازعات التجارية؛ إيمانا منها بأنه كلما قلت تكلفة هذه المساطر من حيث الوقت والمصاريف، كلما كان حجم هذه الاستثمارات أكبر، على اعتبار أن ثقة المقاولات في الحصول على حقوقها تؤدي إلى المزيد من الاستثمارات وإلى تزايد رقم المعاملات التجارية، علما أن هذه الثقة لا تكون إلا مع وجود قضاء فعال في مجال استيفاء الديون المستحقة.
وفي هذا الصدد، التزمت وزارة العدل والحريات، بالعمل على تطوير الآليات القانونية التي تمكن من تحقيق هذه الغاية وعلى رأسها مسطرة الأمر بالأداء التي تم سنها بغية تحقيق السرعة في استيفاء الديون نظرا لما تتميز به من بساطة في الإجراءات وقلة في التكاليف.
إن مسطرة الأمر بالأداء، كما هي منظمة بمقتضى الفصول من 155 إلى 165 من قانون المسطرة المدنية، تعد استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى؛ ذلك أنها تمكن الدائن من استيفاء دينه المستحق بموجب سند، بأمر من رئيس المحكمة وفي غياب الخصم.
وإن كانت هذه المسطرة قد شهدت تطورا ملحوظا بعد إنشاء المحاكم التجارية سنة 1997، بحيث أصبح الأمر بالأداء الصادر عن رؤساء هذه المحاكم في المعاملات التجارية مشمولا بالنفاذ المعجل، خلافا للأمر الصادر عن رؤساء المحاكم الابتدائية في المعاملات المدنية، نظرا لما يقتضيه ميدان الأعمال من إجراءات تتطلب السرعة والنجاعة القضائية، فقد أظهرت الممارسة القضائية لهذه المسطرة منذ سنها سواء على مستوى المحاكم الابتدائية أو المحاكم التجارية إخلالات بنيوية حالت دون تمكينها من تحقيق الغاية التشريعية من سنها.
فمن جهة، كشفت الممارسة القضائية أن بعض المدينين الذين صدرت في حقهم الأوامر بالأداء لا يلجؤون إلى ممارسة الطعن بالاستئناف إلا بغاية التسويف والمماطلة.
ومن جهة أخرى، تبين أن سكوت القانون عن بيان حدود اختصاص محكمة الاستئناف التي تنظر في استئناف الأمر بالأداء نتج عنه تضارب واختلاف في العمل القضائي الصادر عن هذه المحاكم، إذ منها من يكتفي بمعاينة وجود المنازعة الجدية المثارة من قبل المدين المستأنف، دون إمكانية الفصل في هذه المنازعة مع الاكتفاء، في هذه الحالة، بإحالة الأطراف على محكمة موضوع ( ابتدائية أو تجارية، على حسب الأحوال) للنظر في النزاع وفق الإجراءات العادية للتقاضي، باعتبار أن هذه المسطرة استثنائية؛
ومنها من ذهب في اتجاه مخالف وذلك بالتصدي للنظر في المنازعة في الدين موضوع الأمر بالأداء بعد الأمر بتحقيق الدعوى عن طريق إجراء من إجراءات التحقيق كالخبرة أو غيرها من إجراءات التحقيق المعمول بها.
هذا التضارب في العمل القضائي من جهة، وتحايل بعض المدينين في استعمالهم لحق الطعن بالاستئناف من جهة أخرى، أديا إلى التفكير في إعادة النظر في المقتضيات المنظمة لهذه المسطرة حتى تكون أداة ناجعة لتحصيل الديون المستحقة، خاصة في الميدان التجاري.
لأجل ذلك، وبغية الحفاظ على التوازن القانوني بين حق الدائن في الحصول على دينه في أسرع وقت، وحق المدين في الحصول على محاكمة عادلة، أصبح من الضروري معالجة هذا الموضوع من خلال تعديل مقتضيات الفصول 155 و156 و158 و159 و160 و161 و162 و164 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية، وذلك بإلغاء مرحلة الطعن بالاستئناف في الأمر بالأداء وتعويضها بالطعن بالتعرض على الأمر المذكور، توفيرا للوقت وحفاظا على مبدأ التقاضي على درجتين؛
بحيث إذا كانت المسطرة الحالية تتم عبر المراحل التالية: أمر صادر عن رئيس المحكمة، فطعن أمام محكمة الاستئناف، لتحال القضية من جديد على محكمة الموضوع في إطار الإجراءات العادية للتقاضي، ثم يطعن في الحكم الصادر في هذا الإطار أمام محكمة الاستئناف؛ فإن المسطرة المقترحة في مشروع التعديل ستختزل في ثلاث مراحل: أمر صادر عن رئيس المحكمة، ليحال بعد ذلك في إطار التعرض على محكمة موضوع ثم يطعن فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف؛
كما أن من إيجابيات مشروع هذا التعديل توحيد المسطرة المعمول بها في إطار الأمر بالأداء بين محاكم المملكة، بحيث ستصبح الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الابتدائية مشمولة بالنفاذ المعجل على غرار الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم التجارية، كما ستصبح الإقرارات الثابتة بمقتضى سندات عرفية الصادرة بين التجار تقبل مسطرة الأمر بالأداء أمام المحاكم التجارية وهو ما سيرفع من نجاعة وفعالية هذه المسطرة.
وجدير بالذكر، أن مشروع هذا التعديل التشريعي ينتظر منه أن يرفع من تنقيط بلدنا في التقرير السنوي الذي ينجزه البنك الدولي حول مناخ الأعمال في مختلف دول العالم والذي يتضمن ترتيبا سنويا للدول بحسب درجة استجابتها لحاجيات الاستثمار وهو ما سيكون له أثر إيجابي، لا محالة، على جلب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار الوطني.
مشروع قانون الحقوق العينية
لقد نصت المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية على أنه: "يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان- جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو بنقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك..."
إلا أن تطبيق هذا المقتضى على إطلاقه، ترتب عنه انعكاسات سلبية على عملية الولوج إلى الاقتراض، خاصة بالنسبة لصغار الفلاحين الذين يلجؤون إلى القروض الصغرى والمتوسطة بصفة مستمرة ومتكررة على طول السنة لتمويل الأنشطة الفلاحية المرتبطة بالموسم الفلاحي، وإن من شأن إلزامية تحرير الرهن الاتفاقي من طرف الموثق أو العدلين أو المحامي، تحميلهم تكاليف مالية إضافية لا تتناسب ومبلغ الدين الأصلي.
لذا، فإن هذا المشروع يهدف إلى إدخال تعديل على مقتضيات المادة 174 من مدونة الحقوق العينية يستثنى بموجبه عقد الرهن الرسمي الاتفاقي، المقرر لضمان أداء دين لا تتجاوز قيمته المبلغ المحدد بنص تنظيمي، من إلزامية توثيقه من طرف الموثق أو العدلين أو المحامي سواء تعلق الأمر بإنشائه أو نقله أو تعديله أو إسقاطه، وإخضاعه بالتالي لنفس الأحكام التي كانت تسري عليه قبل صدور مدونة الحقوق العينية؛ أي ترك حرية الاختيار لطرفي العقد بين توثيق هذا العقد في محرر رسمي أو عرفي بحسب رغبتهما عندما يتعلق الأمر بضمان دين.