الأخبار
الاثنين 26 يوليوز، 2021

النموذج التنموي الجديد : البعد البيئي في صلب الرؤية الملكية

 النموذج التنموي الجديد : البعد البيئي في صلب الرؤية الملكية

ما فتئ المغرب يبدي التزامه، منذ عدة سنوات، بخدمة التنمية المستدامة في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وخاصة في مجالات حكامة الموارد الطبيعية وحماية التنوع البيولوجي، ومكافحة التغيرات المناخية.

واحتلت قضية البيئة، التي توجد في صلب السياسات العمومية، مجددا واجهة النقاش العام من خلال تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي تفضل جلالة الملك بإحداثها في نونبر 2019 لإطلاق مشروع غير مسبوق يروم بناء مجتمع مزدهر، منفتح وقوي بتعدديته وتنميته وبجماعاته الترابية المتصدية لمختلف تحديات الحاضر والمستقبل.

إن التركيز على الاستدامة كأساس لخيارات التنمية يتماشى مع ضرورة تثمين الرأسمال الطبيعي وضمان المحافظة عليه للأجيال الحالية والمستقبلية، كما تؤكد على ذلك اللجنة، التي تدعو إلى تعزيز حكامة الموارد الطبيعية.

ولتحقيق هذه الغاية، تعتبر الأستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط، أسماء العرباوي، أنه بات من الضروري تثمين وحماية الأنظمة البيئية ذات الهشاشة، وخاصة السواحل والواحات والجبال والغابات والمناطق الرطبة، وذلك من خلال تبني مقاربة للتدبير الجماعي إلى جانب العمل الذي تقوم به السلطات العمومية.

وأبرزت السيدة العرباوي أنه ينبغي على الدولة أن تتبنى نظاما ضريبيا بيئيا وطاقيا عادلا ومحفزا يمكن من الحفاظ على البيئة وعقلنة استهلاك الموارد المائية والطاقية، مشددة على ضرورة تحديث النظام التشريعي المعمول به وخاصة ظهير 1917 (حق استغلال الموارد الطبيعية والغابات) وظهير 1976 (استغلال الموارد الطبيعية من قبل الجماعة القروية دون عوض).

وقد كانت مسألة حماية التنوع البيولوجي والأنظمة الإيكولوجية الغابوية، باعتبارها رافعة أساسية لسياسة الاستدامة، في صميم انشغالات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي.

وفي هذا الصدد، توصي الأستاذة الجامعية بالإسراع بتنفيذ برامج التكيف مع التغيرات المناخية المتعلقة بالقطاعات التي تعتبر الأكثر هشاشة، ويتعلق الأمر بالمياه والغابات والفلاحة، لافتة إلى أن هذه البرامج تتمحور حول حماية الساكنة وأنظمة الإنتاج والتراث اللامادي للمغرب.

وتعتبر إشكالية المياه، بدورها، من أكثر القضايا إلحاحا التي يتعين معالجتها من خلال مقاربة تدمج بشكل كامل ندرتها وتعطي الأولوية للحفاظ على هذه المادة الحيوية على المدى البعيد، بالنسبة للأجيال الحالية والمستقبلية.وفي هذا السياق، تدعو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي بإحداث وكالة وطنية لتدبير الماء.

وترى السيدة العرباوي أن هذه الوكالة، التي يجب أن تكون مندمجة ويتسم عملها بالعقلنة والاقتصاد والاستدامة، ستتعامل مع تدبير الموارد المائية في أبعاده المختلفة، خصوصا الإدارية والتقنية واللوجستية.

كما ذكرت بأن التقرير شدد على الحاجة إلى تحسين استغلال كافة إمكانيات الاقتصادين الأخضر والأزرق، بما يتيح خلق القيمة في كافة أنحاء التراب الوطني.

وتشجع اللجنة على تبني استراتيجية موجهة للاقتصاد الأخضر ويتم تطبيقها على المستوى الترابي، مع التركيز على منطق الاقتصاد المحوري الذي يدمج الخصائص والإمكانات المحلية. ولهذا ينبغي إيلاء اهتمام خاص لتطوير الفروع الصناعية الخضراء في مجالات الطاقة الشمسية والريحية، والتطهير السائل وتدبير النفايات.

ويرى رئيس معهد الدراسات السياسية والاقتصادية بإيطاليا دومينيكو لوتيسيا أن النموذج التنموي الجديد، الذي حظي بإشادة المجتمع الدولي، ويمثل نقطة تحول في مسار التنمية وتطوير الاقتصاد الأخضر، يعد مثالا يحتذى به لباقي بلدان إفريقيا وللمنطقة المتوسطية وكذلك لأوروبا.

وأبرز السيد لوتيسيا أن المغرب، أثبت مرة أخرى من خلال هذا النموذج التنموي، أنه بلد عصري يتطور باستمرار ويشهد دينامية تنموية سوسيو اقتصادية.

من جهته، أكد الخبير البرازيلي ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، أن الأمر يتعلق ب " مرحلة مهمة من تعبئة المجتمع المغربي التي تلوح في أفق 2035، إنها حلقة جديدة في ملحمة هذه الأمة".

إن النموذج التنموي الجديد، الذي يتم تجسيده طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، يندرج ضمن أفق بعيد المدى وفي سياق المسار التاريخي للدولة المغربية الذي يتيح، عبر الارتكاز على الماضي التليد وكذا الأمس القريب، فهما أفضل للحاضر والتوجه نحو المستقبل.

ويتطلب ضمان مستقبل آمن للأجيال المقبلة، وهو الهدف ذو أولوية في هذا الورش الملكي، من كافة الفاعلين بالمجتمع التفكير بشكل مستدام وأخذ هذا البعد بعين الاعتبار وبالتالي فإن العمل المواطن والسياسات العمومية والاستثمارات الخاصة مدعوة للالتزام بهذه الرؤية الملكية الاستباقية والشاملة والمستدامة.

(ومع 26/07/2021)