خطب صاحب الجلالة

الكلمة السامية التي ألقاها جلالة الملك خلال حفل العشاء الرسمي الذي أقامه جلالته على شرف الرئيس الموريتاني

''الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
يسعدنا أن نرحب بفخامة الرئيس وأخينا العزيز على أرض المغرب معربين له عن مشاعر التقدير والمودة ومتمنين له وللوفد المرافق له مقاما طيبا بين أهلهم وإخوانهم.
كما نغتنم هذه المناسبة ونحن نستقبل رجل دولة ألهمه الله من الحكمة ما جعله يقود مسيرة بلاده بتبصر وبعد نظر لنعبر عن اعتزازنا بما تشهده موريتانيا الشقيقة من اصلاحات شاملة وضعتها على طريق التطور والنماء وجعلتها تحتل المكانة اللائقة بها في محيطها العربي الاسلامي والافريقي.
فخامة الرئيس
ان الروابط التي تجمع بين المغرب وموريتانيا تستمد مقوماتها وقوتها من القواسم الحضارية والروحية والثقافية العريقة التي تجمع بين شعبينا الشقيقين ومن الدور الذي يضطلع به بلدانا على الصعيد الاقليمي بحكم موقعهما الجغرافي المتميز.
وإننا نعتز ونفتخر بأن شعبينا قد قاما بأداء رسالة حضارية امتد اشعاعها الروحي الى عمق افريقيا جنوبا وشرقا وكان بلدانا هما الجسر الذي عبر منه نور الاسلام الى غرب افريقيا. ولنا اليقين أن دورنا المستقبلي يستمد قوته من حقائق التاريخ والجغرافيا ويلقي علينا مسوءولية جسيمة تقتضي منا أن نستحضر هذا الدور ونعمل بجد ومثابرة لنقوم بربط الماضي بالحاضر والمستقبل حتى يبقى دورنا الروحي والحضاري قائما وفاعلا ومتجددا.
ونحن في هذا نسير على هدي والدنا المنعم جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رضوان الله عليه الذي كان حريصا على تعزيز وترسيخ علاقات الاخوة العريقة وروابط حسن الجوار التي تجمع بلدينا.
فخامة الرئيس
ان لقاءنا اليوم يوءكد العزم الذي يحدونا جميعا للسير بعلاقاتنا نحو آفاق واعدة تجسد الوشائج القوية القائمة بيننا. كما أن هذا اللقاء يجسد الارادة المشتركة لارساء قواعد متينة تقوم عليها علاقات تعاوننا في مختلف المجالات.
ومن هذا المنطلق فإن من شأن هذه الزيارة الاسهام في إرساء منظور جديد للتعاون بين بلدينا يتماشى والتطورات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها عالم اليوم وخاصة على مستوى العلاقات الاقتصادية.
ذلك أن حجم التبادل القائم حاليا بين المغرب وموريتانيا لايعكس عمق العلاقات القائمة بينهما ولا يرقى الى مستوى تطلعات وطموحات الشعبين الشقيقين ولايتناسب مع الامكانات الكبيرة المتاحة في مختلف القطاعات.
ومن هنا فان هذا الوضع يفرض علينا اعطاء نفس جديد للتعاون الثنائي وفق آليات جديدة ترتقي بمبادلاتنا إلى مستويات أوسع وذلك من خلال الدعوة الى عقد اجتماع للجنة المشتركة الكبرى لتضع الاطار الطموح للتعاون الذي ننشده ونسعى الى تحقيقه.
وفي هذا الاتجاه أصبح من الضروري احداث آلية للتشاور السياسي وذلك من أجل تكثيف التنسيق وتبادل الرأي بشأن القضايا التي تهمنا جميعا.
فخامة الرئيس.
إن حركية تعاوننا المثمر على المستوى الثنائي لا تنفصل عن ارادتنا السياسية الراسخة لمواصلة بناء صرح مغربنا الكبير واستكمال تثبيت هياكل وموءسسات اتحاد المغرب العربي ووضع الآليات الكفيلة بتطوير عملية الاندماج والتكامل بين اقتصاديات بلداننا المغاربية.
والمغرب وموريتانيا اللذان كان لهما الاسهام الكبير والموءثر في تأسيس اتحاد المغرب العربي كانجاز تاريخي وحلم طالما راود شعوب المنطقة لم ولن يدخرا جهدا من أجل دعم العمل المغاربي المشترك ايمانا منهما بأن هذا التجمع يمثل خيارا استراتيجيا لابديل عنه.
واننا موقنون بأنكم تشاطروننا العزم للعمل مع أشقائنا لانبعاث الروح التي انطلقت في مراكش والتي أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة ملحة للانطلاق من جديد لبلورة الأهداف الكبرى التي وضعتها المعاهدة التأسيسية ليكون في مقدورنا كسب رهانات التنمية وضمان مناعتنا في التعامل مع شركائنا ومواجهة التحديات الكبرى.
كما أن اهتماماتنا المشتركة تتجاوز البعد المغاربي لتلامس الفضاء العربي والإسلامي بحيث يقوم بلدانا بدور متميز باقامة سلام عادل ودائم وشامل في منطقة الشرق الاوسط يرتكز على الشرعية الدولية والالتزامات المبرمة يضمن جلاء القوات الاسرائيلية عن كافة الاراضي العربية المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن هذه الزاوية فإن ما يعاني منه العالم العربي من مشاكل وصعوبات متعددة يتطلب مضاعفة الجهد من أجل احياء روح الاخاء والصفاء لتقوية الصف العربي قصد مواجهة التحديات الخارجية بما يضمن للأمة العربية بناء مستقبل آمن ومستقر وبناء غد واعد بالخير والنماء للأجيال المقبلة.
وان الاوضاع التي يعيشها العراق والظروف الموءلمة التي يمر بها شعبه الشقيق تجعلنا ندعو المجتمع الدولي مرة أخرى الى رفع المعاناة عن أبناء هذا الشعب وتأمين حقوقهم الأساسية في الحياة والعلاج والتعليم.
فخامة الرئيس
ان المغرب وعيا منه بجسامة وقداسة روابط الانتماء والتضامن مع أشقائه الأفارقة حريص كل الحرص على متابعة اهتمامه بقضايا القارة الافريقية وضرورة تجاوز معضلاتها في مختلف المجالات المرتبطة بواقع الانسان الافريقي.
واننا نعتبر أن القمة التي انعقدت موءخرا بالقاهرة تعد بداية جادة لارساء شراكة بناءة مع جيراننا الاوروبيين وخطوة موفقة لبلورة تصور ايجابي ومتضامن مع افريقيا موءكدين ضرورة احتواء الصراعات والنزاعات المفتعلة ودعم روح التضامن والتعاون الافريقي.
أيها السادة والسيدات
أدعوكم للوقوف احتراما وتقديرا لأخينا الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ومن أجل رفاهية وازدهار المغرب وموريتانيا واستمرار علاقاتهما الأخوية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته''.