وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي يعرض المخطط الوطني الجديد لتسريع التنمية الصناعية

أكد وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي أن المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية الجديد (2014-2020) ، الذي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ، يوم الاربعاء بالدار البيضاء حفل إطلاقه ،يهدف إلى تعزيز مسار المهن العالمية للمغرب وإدماج مختلف فروع النسيج الصناعي الوطني.
وقال السيد العلمي، في عرض قدمه بين يدي جلالة الملك بالمناسبة، حول هذا المخطط، أن هذا البرنامج يرتكز إلى الانجازات والمكتسبات التي تحققت في القطاع الصناعي، وخاصة في قطاع صناعة الطيران وصناعة السيارات وترحيل الخدمات (الاوفشورينغ)، مبرزا أن هذه الاستراتيجية الصناعية الجديدة المندمجة والشمولية تسعى إلى إعادة إدماج وتجميع الصناعات التقليدية الوطنية الموفرة لفرص الشغل ، والتي هي في أمس الحاجة إلى دفعة ودعم قويين حتى تستعيد زخمها وديناميتها. ولهذا الغرض، يضيف مولاي حفيظ العلمي، سيتم اتخاذ إجراءات محورية حتى يتسنى تعبئة الطاقات وتنسيق مبادرات وجهود مختلف المتدخلين في أفق الوصول الى نتائج ملموسة، موضحا أن الحزمة الاولى من هذه التدابير تهدف بالخصوص إلى التقليص من ظاهرة التجزئة القطاعية في المجال الصناعي والعمل ، بالموازاة مع ذلك ، على إرساء أسس لقاعدة صناعية أكثر تكاملا واندماجا.
وأشار إلى أن الامر يتعلق هنا بتشجيع تنسيق عمل المقاولات ، التي تعد قاطرة القطاع الصناعي ، من أجل خلق دينامية وعلاقة جديدتين بين المقاولات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة ، بما يساهم في بروز قطاع صناعي قوي وواعد، معتبرا في ذات السياق أن المقاولات الكبرى ، ستساهم ،علاوة على ذلك ، في توفير سلامة وفاعلية واستمرار وازدهار ونمو المقاولات الصغرى والمتوسطة التي ستقوم ، من جانبها ، بإبراز مؤهلاتها وإبراز روح الابداع والانتاج لديها ، وهو ما سيمكن المقاولات الرائدة من التوجه نحو المستقبل ، مشيرا إلى أنه سواء تعلق الامر بمقاولات صغرى أو كبيرة فالكل مطالب بالمساهمة في خلق فرص للشغل بشكل مضاعف وبالتالي استيعاب أفواج جديدة من الشباب وفتح آفاق جديدة أمامهم في أفق العام 2020.
وأكد الوزير أن الطموح الذي تسعى إلى تحقيقه هذه الطفرة الصناعية هو المساهمة في جعل القطاع الصناعي قطاعا موفرا لفرص الشغل بامتياز، وخاصة بالنسبة لفئة الشباب، مبرزا أنه من خلال تبني أنظمة تمكن من التقليص من الفوارق بين مختلف القطاعات، " نسعى إلى النهوض بالآلة الانتاجية الوطنية والمضي بها قدما".
وقال وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي إنه ، في إطار هذا التصور الذي ستكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية هامة، سيتمكن المغرب من مضاعفة حجم الاستثمارات وتحسين ميزان الأداءات عبر تشجيع النسيج الاجتماعي من اقتناء واستهلاك مختلف الخدمات والمنتوجات ، مذكرا بأن تحويل التكنولوجيا سيكون في إطار إجراءات صارمة تتسم باليقظة ،على غرار الآليات المعتمدة في عدد من التجارب المقارنة مثل البرازيل وماليزيا.
وقال مولاي حفيظ العلمي إن هذه الخطة الصناعية ستمكن من مواكبة القطاع غير المهيكل ونقله الى القطاع المنظم، من خلال تفعيل تدابير كاملة للإدماج تتضمن بالخصوص وضع إطار تنظيمي للتشغيل الذاتي، وقانون جبائي ملائم وتغطية صحية ومواكبة موالية، معتبرا أن الأمر يتعلق بآلية مباشرة للدعم من شأنها تشجيع القطاع غير المنظم على العمل بشكل قانوني والتمتع بالحقوق شأنه في ذلك شان باقي الفاعلين والمنتجين .
وأضاف وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي أن تأهيل الموارد البشرية يحظى بالأولية ضمن هذه الخطة ، من خلال العمل على تعميم التجربة الناجحة التي طبقها المكتب الشريف للفوسفاط ، حيث سيتم ، في هذا الصدد، إرساء آليتين تتمثل الاولى في إحداث بنك للموارد البشرية ، وتتمثل الثانية في قطب لإبرام العقود، وهو ما يستجيب للرهان الأساسي والمتمثل في ملاءمة الكافاءات والمؤهلات مع متطلبات سوق الشغل.
وبخصوص الحزمة الثانية من الإجراءات التي يتضمنها المخطط الصناعي الوطني، قال السيد العلمي إنها تتلخص في وضع أدوات للدعم ، موضحا ، في هذا الصدد ، أن تحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة يستند إلى سلسلة من التدابير المندمجة.
وأكد أن الرهان الاول هو جعل المقاولات الصغرى والمتوسطة مقتنعة بتبني مقاربة مجددة وانخراطها في مسلسل لتحسين جودة إنتاجها ، عبر تمكينها ، بالخصوص ، من الولوج إلى التمويلات اللازمة والى سوق الاستثمار، مضيفا أن أدوات الدعم المالي سيتم تطبيقها وفق برنامج خاص غير مسبوق يتضمن إحداث صندوق للاستثمار الصناعي سيشهد تعبئة موارد مالية غير مسبوقة في المجال الصناعي وسيتولى مواكبة المقاولات وتمكين النسيج الصناعي من تمتين أسسه وتحديث هياكله وتطوير قدراته .
وأوضح الوزير أن الصناعة الوطنية ستتمكن ، من خلال هذا الصندوق، من التوفر على الوسائل الذاتية لتحقيق طموحها وتطلعاتها وتأهيل وتطوير هياكلها في افق توجهها نحو العالمية، مبرزا أن الصندوق سيمكن ،علاوة على ذلك ، من إقامة حظائر صناعية مجهزة بالبنيات التحتية اللازمة وتتوفر على شباك وحيد من أجل الحصول على الرخص والتصاريح الادارية في آجال محددة ومعقولة.
اما فيما يتعلق بالحزمة الثالثة من الإجراءات، فأشار مولاي حفيظ العلمي ، إلى أنها تروم الارتقاء بالمغرب إلى مصاف الدول الصناعية العالمية بشكل أكثر فعالية مع الحفاظ على مصالح الفاعلين الوطنيين، مسجلا أن تحقيق هذا الهدف ، مع ما يتطلبه من يقظة، سيتم عبر تتبع معمق ومتواصل لمسار مفاوضات اتفاقيات التبادل الحر التي يتم التفاوض بشأنها حاليا، وكذا التتبع الصارم لتطبيق اتفاقيات التبادل الحر الجارية والتي تم توقيعها مع عدد من الدول، مؤكدا ، في هذا السياق، أن الجهود ستنصب على مواكبة القطاعات ذات المؤهلات القوية في مجال التصدير وتحسين الميزان التجاري.
ووأضاف أنه لهذا الغرض سيتم تشكيل فريق عمل من خبراء ومهنيين في مجال الوساطة في مختلف القطاعات سينكب على دراسة عدد من الآفاق الاستراتيجية عبر استكشاف فرص العمل المستقبلية ،مؤكدا أن المخطط الصناعي سينخرط ،علاوة على ذلك ، في الانفتاح الذي أبان عنه المغرب على عمقه الافريقي انسجاما مع التوجه الملكي في هذا الصدد، ودعا المقاولات المغربية الى الاستثمار في السوق الافريقية وإرساء شراكات مع هذه البلدان وفق توجه جنوب-جنوب.
وشدد مولاي حفيظ العلمي على ان مجموع هذه التدابير التي يستند عليها المخطط الصناعي تستهدف ، في افق العام 2020 ، خلق نصف مليون فرصة شغل والرفع من حصة مساهمة القطاع الصناعي في الانتاج الداخلي الخام الى 9 بالمائة لينتقل من 14 بالمائة حاليا الى 23 بالمائة سنة 2020 ، وهو ما سيمكن المغرب من التموقع في مصاف البلدان الصاعدة.
وعلى مستوى الحكامة، سيتم تشكيل لجنة وزارية تتولى تنسيق وتفعيل هذه الاستراتيجية الصناعية كما ستسهر على تتبع تنفيذ المشاريع المقترحة وتفعيل الاتفاقيات الموقعة في هذا الإطار. وأضاف أن ذلك سيمكن من بروز مشاريع رائدة يقوم بها "فريق مغربي" مكلف بالنهوض بالاستثمار الصناعي، مؤكدا أن المغرب يتوفر على "الذكاء الجماعي والموارد البشرية والمادية اللازمة للقيام بهذا التغيير وليبرهن أننا في مستوى تطلعات الأمة".
وعلى الصعيد الصناعي ، يقول الوزير ، فإنه يتعين على المغرب أن " ينظر إلى بعيد ، ويعمل بسرعة ،ويضرب بقوة ، لكي يصبح فاعلا قائم الذات ، في عالم تتوالى فيه القطائع التكنولوجية والسياسية والاجتماعية بشك غير متوقع مما يصبح معه أي وضع ملائم عرضة للزوال في أي وقت".
وأشار الوزير إلى أنه لذلك فإن المسار الذي تتوفر الصناعة المغربية على الإرادة الوطيدة لنهجه هو مسار "ملحاح " ويتماشى تماما مع الرؤية التي اعتمدها جلالة الملك منذ اعتلائه العرش ألا وهي " العمل على انبثاق أمة نموذجية متضامنة ومفعمة بروح التنافس".
(ومع-02/04/2014)