Logo Logo


"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،

حجاجنا الميامين،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

وبعد، فها أنتم تتأهبون للذهاب إلى البقاع المقدسة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة للقيام بأداء فريضة الحج التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام بعدما يسر الله لكم الأسباب وتوفرت لكم الاستطاعة التي هي شرط للقيام بهذا الركن الهام من أركان الإسلام ممتثلين لأمر ربنا الكريم في كتابه الحكيم: ۞ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا۞ ومستجيبين لنداء أب الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام الذي أمره الله عز وجل بأن يؤذن في الناس بالحج، إذ قال في كتابه العزيز: ۞وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا نفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق۞.

حجاجنا الميامين،

إنكم ستلتقون بحول الله وتوفيقه على صعيد واحد مع مسلمين مؤمنين جاءوا من مشارق الأرض ومغاربها ليشهدوا منافع لهم ويطوفوا بأول بيت وضع للناس بمكة المكرمة ليكون مثابة للناس وأمنا ومهبطا للرسالة السماوية الخاتمة التي أنزلها الله على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم الذي ستشدون الرحال إلى مسجده بالمدينة المنورة ضارعين خاشعين شاهدين له بأداء الرسالة وتبليغ الأمانة، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم.

ولتعلموا وفقكم الله وباقي الحجاج والمعتمرين أنكم ستكونون محط مراقبة ومتابعة من طرف سكان المعمور في زمن تعددت وسائط الاتصال فيه وتطورت وسائل الإعلام. فاحرصوا على أن تبرزوا للعالم عظم الإسلام وسموه الروحي وسماحته وعدله وكيف أنه يؤلف بين القلوب ويساوي بين الأعراق والشعوب، إذ الكل، سواء في ضيافة الرحمَـٰن لا فرق بينهم إلا في التقوى والعمل الصالح والكل خاضع لله تعالى متوجه إليه يرجو رحمته وثوابه مرددا: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".

فكونوا، رعاكم الله، ممتثلين للآداب الإسلامية المسنونة في الحج حريصين على تطبيق الواجبات واجتناب المنهيات مسارعين إلى فعل الخيرات مستعينين لبلوغ مرادكم بالبعثة العلمية التي هيأتها لمرافقتكم وزارتنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية مستحضرين في حلكم وترحالكم حرمة تلكم الأماكن المشرفة مقدرين قول الله تعالى فيها: ۞إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين۞. وقول جدنا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده".

فتزودوا رحمكم الله وأصلح بالكم ويسر سبل حجكم بالتقوى والعمل الصالح في معاملاتكم الخاصة والعامة ولا يغب عن بالكم أنكم في عبادة. لهذا نوصيكم بخفض الجناح واللين والتسامح والاعتدال لتغنموا جزيل الثواب وعظيم الأجر امتثالا لقوله تعالى: ۞ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب۞.

معشر الحجاج والحاجات،

سيتيح لكم موسم الحج زيادة على قضاء مناسك الحج والعمرة فرصة للتعارف والتآلف والمذاكرة مع مسلمين من مختلف شعوب الأرض جاءوا مثلكم إلى تلكم الرحاب الطاهرة يلتمسون ما يلتمسونه من فضل ونعمة فكونوا خير سفراء لبلدكم الذي ما فتئ يدافع عن الإسلام والمسلمين ويعمل على جعل كلمة الله هي العليا مصداقا لقوله تعالى: ۞إن الدين عند الله الإسلام۞.

وليكن في سلوككم ولين جانبكم وحسن معاشرتكم خير عربون على تمسككم بأخلاق الإسلام ومحامده مذكرين بمواقف ملوككم الصالحين من بني وطنكم في نشر الإسلام والدفاع عن المسلمين عبر الدهور والسنين. كما لا تغب عنكم العلاقات الوطيدة التي تربطنا بالمملكة السعودية وقائدها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والأسرة الملكة في تلكم الربوع وما تبذله حكومته الرشيدة وشعبه الأبي من جهود لتوفير الأمن والراحة لضيوف الرحمَـٰن حتى يقضوا مناسكهم ويوفوا نذورهم ويطوفوا بالبيت العتيق في أمن وأمان وعلى الوجه المطلوب. فاحرصوا، رعاكم الله، على التعاون مع من نصبوهم لخدمتكم واحترام القوانين والضوابط التي وضعت لصالح الحجاج والمعتمرين وتطبيقها بإخلاص وأمانة.

وقد أصدرنا تعليماتنا لحكومتنا عامة ووزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية خاصة للعمل على تهيئ كل الأسباب والوسائل لتيسير أداء هذه الشعائر على رعايانا المتوجهين إلى الديار المقدسة وتزويد مختلف البعثات المرافقة لهم بما يلزم لقيامها بواجبها على أكمل وجه وأحسنه. فتعاونوا معهم واهرعوا إليهم كلما احتجتم لتظفروا بما تريدون حتى لا تضيعوا هذه الفرصة التي سخرها الله تبارك وتعالى لكم والتي يباهي فيها بكم ملائكته من حيث الطاعة والامتثال والتزلف والإنابة إليه جاعلين نصب أعينكم قوله تعالى: ۞الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب۞. وقوله، صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه".

حجاجنا الميامين.

لا شك أنكم تذكرون بأن والدنا المقدس جلالة المغفور له الحسن الثاني، نور الله ضريحه، كان له فضل جمع أول مؤتمر قمة إسلامي للدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين وبقي، رحمه الله، مهتما بقضية استخلاص القدس الشريف والتطلع إلى الصلاة في المسجد الأقصى إلى أن التحق بالرفيق الأعلى فحملنا المشعل بعده لنواصل تحقيق مبتغاه ونصلي في ذلكم المسجد الذي تشد إليه الرحال بحول الله مع قوته. فلا تنسوا وأنتم تتحدثون مع المسلمين التذكير بهذه الحقيقة والتشديد على توحيد الصف الإسلامي للوصول على ذلكم المبتغى داعين بالمغفرة والرضوان لمحرر البلاد جدنا المقدس محمد الخامس ورفيقه في الكفاح باني المغرب والدنا جلالة الملك الحسن الثاني، رضي الله عنهما وأرضاهما، وجعلهما في مقعد صدق مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ولا تنسوا حجاجنا الميامين وأنتم في تلكم البقاع الطاهرة، وخاصة في عرفات ما عليكم من حق الدعاء لملككم أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين الساهر على راحتكم واطمئنانكم والمتفاني في إسعادكم وإصلاح شأنكم في الحال والمئال وما عليكم من حق الدعاء بخير لوطنكم ومواطنيكم فاسألوا الله دوام النصر والعز والتأييد والسداد وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة ويجعلنا دائما وأبدا هادين مهتدين ويبقينا ناصرين للإسلام منصورين به وأن يحفظنا في شقيقنا السعيد المولى الرشيد وسائر أفراد أسرتنا الملكية مكلوئين بحب شعبنا وأن يجعل بلدنا آمنا مطمئنا موفور الخيرات دائم المسرات ويكلأ جهودنا الإصلاحية بالتوفيق والنجاح وأن يسلك بنا دوما سبل الصلاح والفلاح لنحقق لأمتنا ما تعلقه من آمال على قيادتنا وعهدنا الزاهر.

جعل الله حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا وحقق لكم الرجاء وتقبل منكم الحج والعمرة والزيارة وردكم على بلدكم سالمين غانمين آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".