
بمناسبة شهر رمضان المبارك، تكشف آرتكوستيك (Artcoustic)، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عن مشروعها الوثائقي الجديد "تراث المغرب"، وهو عمل فني متكامل يتألف من عدة حلقات قصيرة تهدف إلى تسليط الضوء على التراث المغربي بكافة أشكاله.
وأبرزت آرتكوستيك، في بلاغ، أن هذه المبادرة لا تقتصر على الغوص في التاريخ، بل تسعى أيضا إلى إبراز الموروث المادي وغير المادي للمملكة، بهدف تعريف الأجيال الجديدة به ونقله إليها من خلال منظور بصري وسردي مبتكر.
وأكد المصدر ذاته أن "تراث المغرب"، الذي يبث على القناة الثانية كل أحد في تمام الساعة 21:35، حقق نجاحا باهرا بالفعل على المنصات الرقمية للبوابة الوطنية، حيث حصد ملايين المشاهدات.
ويعكس هذا الإقبال اهتمام المشاهدين، وخاصة الشباب، بإعادة اكتشاف التراث الثقافي الوطني بطريقة سهلة وجذابة. وهكذا، فإن اختيار صيغة الرسوم المتحركة، المبتكرة والممتعة، يستجيب لرغبة الوصول إلى جمهور أوسع وتعزيز استيعاب الهوية الثقافية من قبل الأجيال الجديدة.
مشروع مصمم لإبراز وتثمين التراث المغربي:
في عالم تنتشر فيه المعلومات بسرعة وتتعرض فيه الروايات التاريخية للتشويه والتحريف، يُعد "تراث المغرب" بمثابة مرجع ثقافي لتصحيح المغالطات التاريخية. ويستند هذا المشروع على أبحاث دقيقة ومعمقة أجراها مؤرخون وخبراء، ما يضمن تقديم حقائق تاريخية موثوقة بأسلوب سردي مشوق وغامر.
وتركز كل حلقة على عنصر أساسي من الثقافة المغربية، وتمزج بين الرسوم المتحركة والروايات الموثقة والمؤثرات الصوتية المتقنة. فعلى سبيل المثال، يتم سرد قصة فن الملحون بصوت الفنان الموهوب حميد شكري، مما يضفي لمسة من الأصالة والمشاعر العاطفية الصادقة على السرد.
ويحظى المشروع أيضا بدعم متحف الأوداية، الذي وفر أبحاثا وصورا حصرية للقفاطين القديمة، حيث تم دمجها في السلسلة على شكل صور مجمعة واقعية، ومن خلال هذه التوليفة من العناصر البصرية والصوتية، يقدم "تراث المغرب" تجربة فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة.
صيغة مبتكرة يقودها استوديو رائد في مجال الرسوم المتحركة:
من خلال سلسلة "تراث المغرب"، تعتمد "آرتكوستيك" على خبرتها في مجال الرسوم المتحركة لتقديم سرد بصري جذاب يأسر القلوب، مع الالتزام بالمحافظة على أصالة المضمون التاريخي وإبرازه في قالب مبتكر.
وبفضل دوره الرائد في إنتاج أولى الرسوم المتحركة المغربية، يواصل الاستوديو الابتكار من خلال الجمع بين الإتقان الفني والرؤية الثقافية العميقة. وبفضل خبرة "آرتكوستيك"، تتبنى كل حلقة هوية بصرية وسمعية فريدة، تتناسب مع خصوصيات الموضوع المعالج.
رحلة عبر الفن، الحِرف والموسيقى:
يستكشف الوثائقي جوانب غير معروفة من الحِرف والفنون المغربية، من خلال مواضيع متنوعة تشمل الطربوش، والزليج، والتطريز التقليدي، والموسيقى الشعبية. وتُقدم كل حلقة قصة تجمع بين التقاليد، والتأثيرات الإقليمية، والإرث التاريخي العريق.
وهكذا، يشهد القفطان المغربي، بتطريزاته الدقيقة وتقنياته الحرفية المتطورة، على فن رفيع في مجال الألبسة تعود أصوله إلى عدة قرون. وتوضح بعض النماذج التاريخية المعروضة في متحف شالة، مدى براعة النسيج المغربي، حيث يتم شغل خيوط الذهب والفضة بدقة متناهية.
كما تبرز الموسيقى التقليدية، من خلال أعمال بارزة مثل "الزردة" للحاج حسين التولالي، تراثا صوتيا وغنائيا في طريقه إلى الاندثار.
من جهته، فقد أدى فن الزليج، الذي تطور منذ عهد الأدارسة بفضل طين فاس، إلى ظهور أكثر من 400 نقش متميز، لا تزال تستخدم حتى اليوم لتزيين القصور والمباني المرموقة.
أما فن العيطة، وهو تعبير موسيقي شعبي، فيستمد جذوره من حكايات الحياة اليومية وعواطف الشعب المغربي.
ويجسد فن الفروسية وتربية الخيول، وهما يعكسان خبرة المغرب في فنون الفروسية، تقليدا حيا من خلال مسابقات الفروسية والعروض الفولكلورية.
طموح يتجاوز "تراث المغرب":
لا يقتصر التزام "آرتكوستيك" بتعزيز التراث المغربي على هذا المشروع فحسب. إذ يعمل الاستوديو حاليا على إعداد العديد من الإنتاجات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك سلسلة رسوم متحركة مخصصة لتورية الشاوي، أول طيارة مغربية، والتي تم بثها على القناة الثانية.
كما تواصل "آرتكوستيك" أيضا عملها حول الذاكرة الجماعية، من خلال مشاريع مخصصة لتسليط الضوء على تاريخ المغرب، وقد تم نشر سلسلة أولى منها بالفعل في عام 2022.
بالتوازي مع ذلك، يقوم الاستوديو حاليا بتطوير فيلم قصير بتقنية التحريك الإطاري بعنوان "هارون ومأمون" من إخراج جيهان جويبول. وسيتم تقديم هذا المشروع، الذي هو في مرحلة التطوير، في مهرجان آنسي وهو أول فيلم من نوعه يتم إنتاجه في المغرب. ويمثل هذا المشروع تحديا إبداعيا حقيقيا، يعكس طموح "آرتكوستيك" في إبراز الرسوم المتحركة المغربية على الساحة الدولية.
من خلال "تراث المغرب" وهذه المشاريع المستقبلية، ترسخ "آرتكوستيك" مكانتها كفاعل رئيسي في مجال السرد المتحرك في المغرب، حيث تجمع بين الإبداع والتطلعات الوثائقية والالتزام بالنقل الثقافي.
يشار إلى أن "آرتكوستيك" تأسست برؤية تهدف إلى ترسيخ مكانة مرموقة للرسوم المتحركة المغربية، وقد فرضت نفسها كاستوديو رائد في مجال إنتاج محتوى يبرز تراث المغرب وتاريخه. فمن خلال مزج الابتكار البصري والدقة الوثائقية، يقوم الاستوديو بتطوير أعمال أصلية تحتفي بالثراء الثقافي للمملكة وتساهم في نقله إلى الأجيال القادمة.
بفضل خبرتها المعترف بها في مجال الرسوم المتحركة ورواية القصص، تواصل "آرتكوستيك" تنفيذ مشاريعها الضخمة، بالتعاون مع مؤسسات ثقافية ومواهب مغربية ودولية لتقديم إنتاجات ذات تأثير قوي.
وتشهد أعمالها القادمة، وعلى رأسها السلسلة حول تورية الشاوي وفيلمي "هارون ومأمون"، على طموحها في الارتقاء بالرسوم المتحركة المغربية على الساحة الدولية.
(ومع: 24 مارس 2025)