تم يوم الثلاثاء 11 نونبر بالرباط إطلاق النسخة الثالثة من برنامج "الكنوز الحرفية المغربية"، خلال حفل نظمته كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وتندرج هذه النسخة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار "من إرث الأجداد إلى إبداع الأحفاد: شباب يصونون الهوية المغربية"، في إطار مواصلة الجهود الوطنية الرامية إلى صون الحرف التقليدية المهددة بالاندثار، والتعريف بها وتثمينها، عبر نقل المهارات والمعارف الحرفية للأجيال الصاعدة، من خلال تكوين الشباب على يد المعلمين الحرفيين الحاملين لهذا الموروث الثقافي غير المادي، ترسيخا لقيم الإتقان والإبداع والهوية المغربية الأصيلة.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد مستشار صاحب الجلالة، السيد أندري أزولاي، أن الحرفيين المغاربة يجسدون، كل بطريقته، جوهر الحضارة المغربية، مبرزا أن الثروة الحقيقية التي يمثلها الصناع التقليديون تتمثل في مساهمتهم في التراث المشترك وفي الهوية والتاريخ المغربيين، ما مكن المملكة من امتلاك ذاكرة متجذرة عبر القرون.
وأضاف السيد أزولاي أن "قلة من البلدان تستطيع اليوم أن تشهد، من خلال واقعها المعاصر، على استمرارية ما كان يصنعه أجدادها منذ أزمان بعيدة".
وبعد أن أبرز إشعاع الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي، أوضح السيد أزولاي أن الحرفيين المغاربة يشكلون شهادة حية على براعة ما تستطيع المملكة إنجازه.
كما تطرق إلى التحولات البيئية والثقافية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، معتبرا أن الصناع التقليديين سيبرعون في توظيف الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية الحديثة، لا لتغيير جوهر فنهم، بل لإغنائه.
وأشاد السيد أزولاي بالشراكة التاريخية التي تجمع المملكة المغربية بمنظمة اليونيسكو، لافتا إلى أن اتفاقية تعزيز الشراكة الموقعة بين كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني والمنظمة الأممية حول برنامج "الكنوز الحرفية المغربي" تجسد ثمرة هذه الشراكة.
من جانبه أكد كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لحسن السعدي، أن قطاع الصناعة التقليدية يعد من أهم القطاعات المشغلة بالمملكة، إذ يوفر فرص شغل لما يقارب 2,7 مليون صانعة وصانع تقليدي عبر مختلف جهات المغرب.
وأوضح السيد السعدي أن الصناعة التقليدية ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل تشكل رافعة حقيقية للتنمية الاجتماعية والحفاظ على التراث الثقافي والهوية المغربية، مبرزا الدور الحيوي لبرنامج "الكنوز الحرفية المغربية" في صون الحرف التقليدية المهددة بالاندثار.
أما مدير مكتب اليونسكو لدى الدول المغاربية، شرف أحميمد، فسجل من جهته أن روح هذه الاتفاقية تقوم على الاعتراف بالدور المحوري الذي تضطلع به المجتمعات الحاملة للمعارف التقليدية باعتبارها حارسا للتراث الحي، مشيرا إلى أن المقاربة المعتمدة تستند على إشراك الحرفيين والمعلمين وغيرهم من الفاعلين في تحديد أولويات الصون، وطرق نقل المهارات، وصيغ تثمين هذه الممارسات بما يضمن استدامتها.
وأضاف أن هذا التصور يهدف إلى ترسيخ اعتزاز هذه المجتمعات بإرثها الثقافي وكذا ترسيخ شعورها بالانتماء إليه، مع الحرص على مراعاة خصوصيات كل مجال حرفي في إجراءات الصون.
وشدد رئيس جامعة غرف الصناعة التقليدية، سيداتي الشكاف، من جهته، على الأهمية الخاصة التي يحظى بها الموروث الصحراوي المغربي "لما يجسده من تنوع ثقافي ولكونه دعامة أساسية في نسيج الموروث الحرفي الوطني"، لافتا إلى أن هذا البرنامج يشكل مبادرة رائدة تروم إبراز ما تزخر به المملكة من مهارات وصنائع تقليدية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ.
وتم خلال هذا اللقاء التوقيع على اتفاقية لتمديد الشراكة القائمة بين كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) حول برنامج "الكنوز الحرفية المغربية" إلى غاية سنة 2031.
كما شهد الحفل تكريم نخبة من المعلمين الحرفيين الذين يجسدون بمهارتهم العالية وابتكاراتهم الأصيلة عمق التراث المغربي وتنوعه، ويواصلون نقل معارفهم وخبراتهم إلى الأجيال الصاعدة في مختلف جهات المملكة، ضمن برنامج تكويني يمتد لتسعة أشهر بشراكة مع معاهد التكوين في مهن الصناعة التقليدية.
يذكر أن النسخة الثالثة من هذا البرنامج تأتي امتدادا للنسختين السابقتين المنظمتين سنتي 2023 و2024، حيث تم خلالهما تصنيف 17 صانعا وصانعة تقليدية ضمن قائمة "الكنوز الحرفية المغربية"، أشرفوا على تكوين 157 شابا وشابة على مدى تسعة أشهر من التكوين الميداني.
(ومع: 12 نونبر 2025)